، و زعم أن دليله أنه يطرح النار في القطن فلا يحترق. و هذا لأنه يدهنه بدهن معروف.
و منهم هذيل بن يعفور من بني سعد بن زهير، حكى عنه الأصمعي أنمه عارض سورة الإخلاص فقال: قل هو الله أحد إله كالأسد، جالس على الرصد، لا يفوته أحد.
و منهم هذيل بن واسع
كان يزعم أنه من ولد النابغة الذبياني، عارض سورة الكوثر، فقال له رجل ما قلت؟ فقال: إنا أعطيناك الجوهر، فصل لربك و جاهر، فما يردنك إلا كل فاجر.
فظهر عليه السنوري فقتله و صلبه على العمود، فعبر عليه الرجل فقال: إنا أعطيناك العمود، فصل لربك من قعود، بلا ركوع و لا سجود فما أراك تعود. و ممن ظهر فإدعى أنه يوحى إليه، المختار بن أبي عبيد، و كان متخبطاً في دعواه، و قتل خلقاً كثيراً، و كان يزعم أنه ينصر الحسين رضوان الله عليه، ثم قتل.
و منهم حنظلة بن يزيد الكوفي
، كان يزعم أن دليل أنه يدخل البيضة في القنينة و يخرجها منها صحيحة، ذلك أنه كان ينقع البيضة في الخل الحامض فيلين قشرها ثم يصب ماء في قنينة، ثم يدس البيضة فيها، فإذا لقيت الماء صلبت.
.
و ما من المدعين إلا من خذل.
و قد جاءت القرامطة بحيل عجيبة، و قد ذكرت جمهور هؤلاء و حيلهم في كتابي التاريخ المسمى بالمنتظم، و ما فيهم من يتم له أمر إلا و يفتضح.
و دليل صحة نبوة نبينا صلى الله عليه و سلم أجلى من الشمس.
فإنه ظهر فقيراً و الخلق أعداؤه فوعد بالملك فملك. و أخبر بما سيكون فكان، و صين من زمن النبوة عن الشره و خساسة الهمة و الكذب و الكبر.
و أيد بالثقة و الأمانة و النزاهة و العفة، و ظهرت معجزاته للبعيد و القريب.
و أنزل عليه الكتاب العزيز الذي حارت فيه عقول الفصحاء، و لم يقدروا على الإتيان بآية تشبهه فضلاً عن سورة.
و قد قال قائلهم و افتضح، ثم أخبر أنه لا يعارض فيه كما قال. و ذلك قوله تعالى: فاتوا بسورة ثم قال: فإن لم تفعلوا و لن تفعلوا و كذلك قوله: فتمنوا الموت و لن يتمنوه فما تمناه أحد.
إذا لو قال قائل: قد تمنيته لبطلت دعواه.
و كان يقول ليلة غزاة بدر: [غداً مصرح فلان ههنا فلا يتعداه].
و قال: [إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، و إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، فما ملك بعدهما من كان له كبير قدر. و لا من إستتب له حال].
و من أعظم دليل على صدقه أنه لم يرد الدنيا، فكان يبيت جائعاً، و يؤثر إذا وجد، و يلبس الصوف، و يقوم الليل.
و إنما تطلب النواميس لاجتلاب الشهوات، فلما لم يردها دل على أنه يدل على الآخرة التي هي حق.
ثم لم يزل دينه حتى عم الدنيا، و إن كان الكفر في زوايا الأرض، إلا أنه مخذول.
و صار في تابعيه من أمته الفقهاء الذين لو سمع كلامهم الأنبياء القدماء تحيروا في حسن إستخراجهم، و الزهاد الذين لو رآهم الرهبان تحيروا في صدق زهدهم، و الفطناء الذين لا نظير لم في القدماء.
أو ليس قوم موسى يعبدون بقرة، و يتوقفون في ذبح بقرة، و يعبرون البحر، ثم يقولون: إجعل لنا إلها؟
و قوم عيسى يدخرون من المائدة و قد نهوا.
و المعتدون في السبت يعصون الله لأجل الحيتان.
و أمتنا بحمد الله تعالى سليمة من هذه الأشياء، و إنما في بعضا ميل إلى الشهوات المنهي عنها، و ذلك من الفروع لا من الأصول.
فإذا ذكروا بكوا و ندموا على تفريطهم.
فنحمد الله على هذا الدين، و على أننا من أمة هذا الرسول صلى الله عليه و سلم.
و قد كان جماعة من المتصنعين بالزهد مالوا إلى طلب الدنيا و الرياسة، فإستغواهم الهوى فخرقوا بإظهار ما يشبه الكرامات، كالحلاج، و ابن الشاش، و غيرهما ممن ذكرت حال تلبيسه في كتاب تلبيس إبليس.
و إنما فعلوا ذلك لاختلاف أغراضهم، و لم يزل الله ينشىء في هذا الدين من الفقهاء من يظهر ما أخفاه القاصرون.
كما ينشىء من علماء الحديث من يهتك ما أشاعه الواضعون، حفظاً لهذا الدين و دفعاً للشبهات عنه.
فلا يزال الفقيه و المحدث يظهران عوار كل ملبس بوضع حديث أو بإظهار دعوى تزهد و تنميس فلا يؤثر ما إدعياه إلا عند جاهل بعيد من العلم و العمل.
ليحق الحق و يبطل الباطل و لو كره المجرمون.
من كتاب صيد الخاطر
ـ[أبو معاذ الأنصاري]ــــــــ[14 - 02 - 10, 01:59 م]ـ
بارك الله فيك ونفعنا بك
آمين
ـ[أبو اسحاق الصبحي]ــــــــ[16 - 02 - 10, 08:52 م]ـ
جزاك الله خيرا