تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شرح مسألة القدم النوعي وتسلسل المخلوقات باختصار]

ـ[أم حنان]ــــــــ[26 - 02 - 10, 07:20 م]ـ

قال الأستاذ المساعد في جامعة الإمام محمد بن سعود (محمد الغانم) مايلي:

قبل الشروع في شرح المسألة، لابد أن نعرف بعض المقدمات.

المقدمة الأولى: لا بد أن يعرف الطالب أن التسلسل أنواع:

منها: التسلسل في العلل والفاعلين والمؤثرات، وهذا بأن يكون للفاعل فاعل، وللفاعل فاعل إلى ما لانهاية له، وهذا متفق على امتناعه بين جميع العقلاء، لأنه يلزم الدور، فلا يبقى فاعل ولا مفعول حينئذ.

النوع الآخر: التسلسل في الآثار، وذلك بأن يكون الحادث الثاني موقوفا ً على حادث قبله. وهذا فيه قولان مشهوران بين طوائف المسلمين.

إذا عرفنا هذا ننتقل إلى:

المقدمة الثانية: وهي أن هناك فرق بين نوع الحوادث و أعيانها.

فإذا قلنا أن نوع الحوادث قديمة، ليس كقولنا أن هذه الأشياء من الحوادث قديمة، مثل قولنا: نوع وجود المخلوقات قديم لأنه راجع إلى صفة الخلق لله تعالى، لكنها مخلوقة بعد العدم، ومعنى قدم النوع ليس هو المعنى الذي تقول به الفلاسفة من القول بقدم العالم، لكن المعنى أن قدم النوع راجع إلى اتصاف الله سبحانه وتعالى بالقدرة على الخلق في الأزل.

المقدمة الثالثة: أن نوع الحوادث راجع إلى المشيئة والخلق لله سبحانه وتعالى.

وهذا بخلاف قول الفلاسفة بالقول بقدم العالم، وأن الخالق هو محركها وعلتها. هذا كفر، لكن القول الحق أن قدم الحوادث راجع إلى أن الله سبحانه ما زال ولم يزل ولا يزال خالقا ً مريدا ً، فلذلك قلنا بقدم نوع الحوادث العائدة إلى صفة الخلق لله.

المقدمة الرابعة: مسألة التسلسل منزع الخلاف فيها راجع إلى مسألة قدم الصفات لله تعالى.

فالمتكلمون ينكرون قدم نوع الصفات لله تعالى، وهم يقولون أن الله تكلم بعد أن لم يكن متكلما ً، وأراد بعد أن لم يكن له إرادة، فحدثت له الصفة بعد أن لم تكن موجودة. لذا فهم ينكرون التسلسل في الماضي ويثبتونه في المستقبل.

وهذا باطل عقلا ً وشرعا ً.

أما أهل السنة والجماعة فيقولون أن صفات الله سبحانه قديمة قدما ً مطلقا ً، قديمة النوع متجددة الآحاد. فهو متصف بالصفات ولا يزال متصفا ً بها.

لذا أثبتوا له قدم الصفات ومنها صفة الخلق والمشيئة والإرادة، وعليها فقدم نوع الحوادث راجع إلى قدم صفة الخلق لله تعالى. فقالوا: إن نوع الحوادث قديم، أما الحوادث وحدوثها فهي حادثة بعد أن لم تكن بقدرة الله ومشيئته وبخلقه وإرادته.

بعد هذه المقدمات لا بد أن ننظر للمسألة كي تفهم من جهتين، الأولى: إثبات القدم النوعي لصفات الباري شرعا ً وعقلا ً وإبطال مسلك المتكلمين فيها، وهذه الجهة سأتركها لكي لا يطول الكلام ويتشتت ذهن الطالب.

أما الجهة الثانية: مسألة الكلام على التسلسل والقدم النوعي للحوادث وعلاقتها بقدم الصفات النوعي.

وقد عرفنا أن الصفات النوعية لله قديمة قدما ً مطلقا ً

وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن متعلقات هذه الصفات وهي المفعولات (المخلوقات) لابد وأن تكون دائمة النوع (قديمة النوع)؛فإن وجود الصفة الاختيارية بدون متعلقها محال، ولا يتم إثباتها إلا بإثبات متعلقها (وهو المفعول المخلوق)،فالمخلوق لا زمة، والصفات الاختيارية ملزومة، ووجود الملزوم بدون لا زمه محال.

وبهذا يتبين أن إثبات قدم نوع المخلوقات من لوازم إثبات قدم الصفات الاختيارية.

والمراد بقدم نوعها هو أنه لا يخلو وقت من الأوقات إلا وفيه مخلوق ما، هو متعلق صفات الله الاختيارية، ولكن أفراد هذه المخلوقات ليست كذلك؛ فإن لكل مخلوق معين وقتاً محدداً ابتداء وانتهاء؛ فالحكم على النوع لا يستلزم الحكم على الأفراد بنفس هذا الحكم؛ فإذا قلنا:"هذا بيت"لم يستلزم الحكم على أجزاء هذا البيت بأنها بيت؛ فلا يقال:"السقف بيت، والجدار بيت"،وكذلك إذا قلنا:"إن نوع الإنسان موجود منذ خلق الله آدم إلى الآن"لم يستلزم هذا الحكم على زيد وعمرو ومحمد وغيرهم من الأفراد بأنهم موجودون هذه المدة الطويلة، وهكذا.

فمعنى قدم نوع المخلوقات أنها متتابعة متوالية، كلما انقضى منها مخلوق خلفه مخلوق آخر، وهكذا؛ فإذا نظرنا إلى كل مخلوق معين فهو حادث له أول وله آخر، وإذا نظرنا إلى نوعها فهي قديمة. وبهذا يتبين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير