قوله تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} قول أشتمل على باطل من وجوه كثيرة:
أ: أن البناء على القبور وتعظيمها والطواف بها والذبح لها والنذر لها والصلاة إليها كل ذلك ليس من شعائر الله بل هو من شعائر الشرك ولم يأمر الله ولا رسوله بشيء من ذلك بل جاء أمر الله وأمر رسوله بالنهي عن ذلك ولعن فاعله، فكيف يجعل هذا مع ما أمر الله به من تعظيم الأماكن الشريفة والأوقات الشريفة كالكعبة وليلة القدر والدعاء وقت نزول المطر وغير ذلك.
ب: أن كثيراً من الذين يطوفون بهذه القبور ويعظمونها بالذبح عندها ودعاء أصحابها يعتقدون فيهم النفع والضر بل ويعطونهم كل صفات الله سبحانه وتعالى من الإحياء والإماتة والخلق والرزق وعلم الغيوب والتصرف في الكون عُلوه وسفله، ومغفرة الذنوب والشفاعة اللازمة على الله، وأن سماحة المفتي على علم بما في طبقات الصوفية ومما نسب إلى شيوخهم. ومن يسمونهم بالأولياء من يجعل اعتقاد النصارى في عيسى أقل كفراً من اعتقادهم، فإذا كان النصارى يعتقدون بأن عيسى ابن الله -تعالى الله عما يقولون- وأنه يأتي يوم القيامة يجلي على يمين أبيه -تعالى الله عن ذلك- ليدين الأحياء والأموات.
وفي الفكر الصوفي أن الحقيقة المحمدية -في زعمهم- أنه رسول الله هو التعينات وأول خلق الله ومن أنواره خلقت الملائكة والعرش والكرسي والسماوات والأراضين، وأنه في النهاية المستوي على عرش الله!!
وفي الفكر الصوفي أن السيدة زينب هي رئيسة الديوان الصوفي والذي يجمع الغوث والأقطاب والأوتاد وهو الديوان الذي يحكم العالم العلوي والسفلي.
ونقل مثل هذا الكفر وبيانه أمر يطول، وأظن سماحة المفتي مطلع كذلك على ما يعتقده غير أهل السنة والجماعة من الفرق الإسلامية الكثيرة التي تعتقد فيمن يعظمونهم أنهم يتصرفون بالخلق والرزق والإحياء والإماتة ويتحكمون في كل ذرات الكون!!
فكيف يقول سماحة المفتي بعد ذلك أن المسلم إذا فعل مثل هذا الكفر يجب أن يظن فيه الخير، وأنه لا يفعل ما يناقض الإسلام.
ثامناً: قول سماحة المفتي: "أن هناك فرقاً أيضا بين كون الشيء سبباً واعتقاده خالقاً ومؤثراً بنفسه، تماماً كما مثلنا في الأصل الأول من اعتقاد المسلم أن المسيح عليه السلام سبب في الخلق بإذن الله في مقابلة اعتقاد النصراني أنه يفعل ذلك بنفسه، فإذا رأينا مسلما يسأل أو يستعين أو يرجو نفعاً أو ضراً من غير الله فإنه يجب علينا قطعاً أن نحمل ما يصدر منه على ابتغاء السببية لا على التأثير والخلق" تفريق سماحة المفتي بين من يشرك بالله فيدعو غيره بأن يفعل ذلك معتقداً قدرته الذاتية على ذلك، ومن يعتقد أن الله قد وهبه ذلك وأعطاه تفريق لا وجه له فإن من يدعو غير الله من الموتى وهو يعتقد أن الله قد منحهم تفريج الكروب وقضاء الحاجات وإجابة السائلين كذاب مفتري على الله!! فإن الله لم يعط أحداً من الموتى ذلك. قال تعالى: {ومن أضل ممن يدعون من دون الله منة لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداً وكانوا بعبادتهم كافرين}. فالله سبحانه وتعالى لم يأمرنا أن ندعو ميتاً في قبره أو أن تطلب منه ما يطلب من الأحياء، بل جعل هذا من الشرك الجلي، وهؤلاء الذين يدعون الموتى ويزعمون أن الله اختصهم بالعطاء والمنع وإجابة دعوة الداعي، وإغاثة المستغيث كاذبون على الله أولاً لأن الله لا يأمر عباده بالكفر والشرك، ودعاء غيره شرك فكيف يأمر الله عبداه بان يشركوا به {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون}
تاسعاً: أعمال المسلم التي يجب حملها على حسن الظن به، هي ما يحتمل البر والإثم والمباح وغيره، كمن رأى رجلاً مع امرأة في خلوة أو طريق مظلم فيحتمل أن تكون امرأة أجنبية لا تحل له ويحتمل أن تكون زوجته أو من محارمه .. فيحمل المسلم على حسن الظن ما لم يعلم ويقطع بالاحتمال الآخر.
أما الأعمال التي لا تحتمل إلا معنى واحداً كقول كلمة الكفر أو سب الله وسب رسوله، أو السجود لغير الله ونحو ذلك فإنها لا تحتمل إلا معنى واحداً، وأما احتمال أن يكون فاعل ذلك معذوراً لجهل أو إكراه أو تأويل فباب آخر ولا يغير حكم العمل نفسه من أنه كفر أو شرك أو فسق، وإن كان كفر ليس كذلك.
وسماحة المفتي سوى بين من يعمل عملاً يحتمل الإباحة والحرمة، والإثم والبر بمن يعمل عملاً لا تفسير له إلا الإثم، وهذا هو الأصل الثالث الباطل الذي بنى عليه سماحة المفتي فتواه.
عاشراً: أليس بدلاً من إقرار الناس على هذا الكفر والشرك من الطواف بالقبور وعبادتها من دون الله والطلب من أصحابها ودعائهم والذبح لهم، وجعل مواسم لعبادتها وشد الرحال إليها وقول قائلهم: (قبر أبي معروف ترياق مجرب) وعبدالقادر الكيلاني يا متصرف في الأكوان، واعتقاد أن الله قد غفر لكل من زار قبر البدوي في مولده كل ذنوبه .. الخ من هذا الكفر والشرك. (اقرأ ترجمة البدوي في طبقات الشعراني)
أليس الأولى من ذلك من سماحة المفتي ومن غيره من أهل العلم والدين أن ينهوا الناس عن ذلك وخاصة أن سماحته يقول إن المفتي على أن الطواف بالقبور حرام وأن الفتيا على ذلك.
فإذا كان سماحة المفتي يعتقد أنه حرام وأنه يفتي بذلك فلماذا التبرير للناس والقول بأن المسلم لا يفعل إلا حقاً، ولا يظن به إلا خيراً حتى وإن عمل هذا الإثم والحرام.
والأجدر أن يقال لا يعجل بتكفير من فعل ذلك من المسلمين ولكن العمل كفر وشرك وبدعة وحرام ومخالف للحق، ولا نكفر المسلم إلا بإقامة الحجة عليه فإن أصر بعد ذلك كما عليه بما يستحق من الحكم الشرعي الذي حكم الله به، وإلا فترك الناس ليعتقدوا من الكفر أعظم مما كفرت به النصارى في عيسى ويعبدوا من دون الله ما لم ينزل الله يه سلطاناً، ويكفروا كفراً لم يكفره ويشركه العرب أنفسهم. والقول بأنهم ما يفعله المسلمون عن قبور الصالحين لا يخرج عن الحركة والكراهة. فهذا في النهاية إقرار للشرك والكفر والبدعة وتهوين من شأن ذلك كله.
وفق الله سماحة المفتي لقول الحق والعمل به والدعوة إليه.
http://www.salafi.net/articles/article43.htm
¥