فَاحذَر عَلى عِلمٍ مِنَ الغُوايَة = وَاسلُك سَبيلَ الرُّشدِ وَالهِدايَة
رُؤيَتُهُ سُبحانَهُ لا تَقتَضي = إِحاطَةً أَو وَصفَهُ بِالعَرَضِ
أَو أَنَّ جِسماً ما يُرى بِالنَّظَرِ = فَهذِهِ أَلفاظُهُم في الجَوهَرِ
سَفسَطَةٌ ضَلالَةٌ تُعمي البَصَرْ = وَلا أَرى إِيرادَها في مُختَصَرْ
وَإِنَّما بِأَوجَزِ العِبارَة = عَلى سَبيلِ الرَّمزِ وَالإِشارَة
ثُمَّ الكَلامُ صِفَةُ الرَّحمنِ = إِيّاكَ أَن تَكونَ ذا نُكرانِ
ذاتِيَّةٌ فِعلِيَّةٌ وَصفانِ = وَمُحدَثُ الآحادِ ذو مَعانِ
صِدقٌ وَعَدلٌ وَهُما التَّمامُ = قَد تَمَّ حَقاً بِهما الكَلامُ
مِنهُ الحَديثُ الحَقُّ في القُرآنِ = خَيرُ الكَلامِ خُطَّ بِالبَنانِ
فيهِ الهُدى وَالنّورُ ذِكرٌ عَرَبي = أَوحاهُ حَقّاً رَبُّنا إِلى النَّبي
لا يَعتَريهِ اللَّبسُ وَالإِلغازُ = وَلا الضَّلالُ المُحدَثُ المَجازُ
وَفي الحَديثِ أَنَّهُ ذو أَحرُفِ = مَحفوظَةٍ مِن شُبهَةِ المُحَرِّفِ
وَفيهِ مُثبَتٌ بِأَنَّهُ صِفَةْ = فَلا تَكُن بِهِ قَليلَ المَعرِفَةْ
قَد قَال فيهِ رَبُّنا سًبحانَهُ: = (إنّي أَنا اللهُ) تعالى شانُهُ
(وَأَنا رَبُّكُمُ فَاعبُدونِ) = وَقَولُهُ سُبحانَه: (مِن دوني)
فَكَيفَ بَعدَها إِذاً يَروقُ = القَولُ فيهِ أَنَّهُ مَخلوقُ؟
فَاعلَم هَداكَ اللهُ خَيرَالعِلمِ = أَنَّ الَّذي قَد قُلتُهُ في النَّظمِ
نَبعٌ جَرى مِن عَينِهِ فَهمُ السَّلَف = أَنعِم بِهِم مِن قُدوَةٍ لِمَن خَلَف
كَأَحمَدٍ وَمالِكٍ وَالشّافِعي = وَقَبلَهُم كَم صاحِبٍ وَتابِعي
فَانهَجْ سَبيلاً ذُق بِهِ الإِيمانَ = وَاثبُتْ وُقيتَ الرَّأيَ وَالخِذلانَ
وَرَبُّنا جَلَّ عَلى العَرشِ اعتلا = فَاحذَر أَخَيَّ مِن غُلوِّ مَن غَلا
وَاصدَع بِها حَقّاً تُسَمْ بِالشَّرَفِ = وَالزَم لها صَبراً طَريقَ السَّلَفِ
وَبِالدَّليلِ اعلَم يَقيناً ما (استَوى) = وَلا تَكُن مُتَّبِعاً لِذي هَوى
كَما لَهُ العُلُوُّ في صِفاتِهِ = فَقَد عَلا سُبحانَهُ بِذاتِهِ
عَمَّ الإلهُ كُلَّ شَيءٍ عِلمُهُ = أَفلَحَ مَن يَومَ المَعادِ هَمُّهُ
في البابِ قُل مَع لَها قِسمانِ = مَاعَمَّ قِسمٌ فَارجَوَنَّ الثّاني
اصبِر وَأَحسِن وَاحذَرَنْ ظُلمَ الوَرى = تَفُزْ بِهِ حَقّاً فَتَحمدُ السُّرى
وَاعلَم بِأَنَّ القُربَ وَالمَعِيَّةْ = في الكُتُبِ المَنقولَةِ السَّمعِيَّةْ
بَينَهُما فَرقٌ لِمَن تَأَمَّلْ = فَالقُربُ لَيسَ داخِلاً في الاْوَّلْ
وَهَكَذا مِنَ الصَّفاتِ العُليا = نُزولُهُ إِلى السَّماءِ الدُّنيا
وَمِثلُها المَجيءُ وَالإِتيانُ = أَثبَتَها الحَديثُ وَالقُرآنُ
والوجهُ واليدانِ والعينانِ = وكلُّها تُضافُ لِلرَّحمنِ
يا جاهِلاً مِن رَحمَةِ المَولى قَنِطْ = وَاللهُ مِن هذا القُنوطِ قَد سَخِطْ
فَاخَشَ أُخَيَّ الحَشرَ وَالتَّلاقي = وَلَتَغتَنِمْ أَيّامَكَ البَواقي
أَنتَ الجَهولُ وَالضَّعيفُ المُذنِبُ = لا تَعصِيَنَّ فَالرَّحيمُ يَغضَبُ
وَهذِهِ قَواعِدٌ مُختَصَرَةُ = نَظَمتُها تَذكِرَةً وَتَبصِرَةْ
وَالأَصلُ في النَّفيِّ مَعَ الإِثباتِ = ما قَد نَظَمتُ قَبلُ مِن أَبياتِ
وَقَد أَتَت مَنظومَةُ القَواعِدِ = تَرفُلُ بِالتأصيلِ والفَوائِدِ
أَتممتُها عَامَ (غَلَتْ) في رَجَبِ = مُحمّدِلاً مُصلّيّاً عَلى النَّبي
...
أبو يعلى محمود الجمل اليمني