تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الألوسي ومذهبه في صفة العلو والفوقية]

ـ[وراق لبنان]ــــــــ[22 - 03 - 10, 05:45 م]ـ

قال الألوسي في تفسيره روح المعاني عند قوله تعالى:

{وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ} قيل هو استعارة تمثيلية وتصوير لقهره سبحانه وتعالى وعلوه عز شأنه بالغلبة والقدرة، وجوز أن تكون الاستعارة في الظرف بأن شبه الغلبة بمكان محسوس، وقيل: إنه كناية عن القهر والعلو بالغلبة والقدرة، وقيل: إن {فَوْقَ} زائدة وصحح زيادتها وإن كانت اسماً كونها بمعنى على وهو كما ترى، والداعي إلى التزام ذلك كله أن ظاهر الآية يقتضي القول بالجهة والله تعالى منزه عنها لأنها محدثة بإحداث العالم وإخراجه من العدم إلى الوجود، ويلزم أيضاً من كونه سبحانه وتعالى في جهة مفاسد لا تخفى، وأنت تعلم أن مذهب السلف إثبات الفوقية لله تعالى كما نص عليه الإمام الطحاوي وغيره، واستدلوا لذلك بنحو ألف دليل، وقد روى الإمام أحمد في حديث الأوعال عن العباس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والعرش فوق ذلك والله تعالى فوق ذلك كله " وروى أبو داود عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي استشفع بالله تعالى عليه: " ويحك أتدري ما الله تعالى؟ إن الله تعالى فوق عرشه وعرشه فوق سماواته وقال بأصابعه مثل القبة وأنه ليئط به أطيط الرحل الجديد بالراكب ".

وأخرج الأموي في «مغازيه» من حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد يوم حكم في بني قريظة: " لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات " وروى ابن ماجه يرفعه قال: " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا إليه رؤوسهم فإذا الجبار جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم وقال: يا أهل الجنة سلام عليكم ثم قرأ صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} [ياس: 58] فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إل شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه ". وصح أن عبد الله بن رواحة أنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبياته التي عرض بها عن القراءة لامرأته حين اتهمته بجاريته وهي:

شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا

وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسومينا

فأقره عليه الصلاة والسلام على ما قال وضحك منه، وكذا أنشد حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه قوله:

شهدت بإذن الله أن محمدا ... رسول الذي فوق السموات من عل

وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما ... له عمل من ربه متقبل وأن الذي

عادى اليهود ابن مريم ... رسول أتى من عند ذي العرش مرسل

وأن أخا الأحقاف إذ قام فيهم ... يقوم بذات الله فيهم ويعدلفقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا أشهد. وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى حكاية عن إبليس: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانهم وَعَن شَمَائِلِهِمْ} [الأعراف: 17] أنه قال: لم يستطع أن يقول ومن فوقهم لأنه قد علم أن الله تعالى سبحانه من فوقهم، والآيات والأخبار التي فيها التصريح بما يدل على الفوقية كقوله تعالى: {تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم} [الزمر: 1]. و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب} [فاطر: 10] و {بَل رَّفَعَهُ الله} [النساء: 158] إليه. و {تَعْرُجُ الملئكة والروح إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم: " وأنت الظاهر فليس فوقك شيء " كثيرة جداً، وكذا كلام السلف في ذلك فمنه ما روى شيخ الإسلام أبو إسمعيل الأنصاري في كتابه «الفاروق» بسنده إلى أبي مطيع البلخي أنه سأل أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه عمن قال: لا أعرف ربي سبحانه في السماء أم في الأرض فقال: قد كفر لأن الله تعالى يقول: {الرحمن عَلَى العرش استوى} [طه: 5] وعرشه فوق سبع سموات فقال: قلت فإن قال إنه على العرش ولكن لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ فقال رضي الله تعالى عنه هو كافر لأنه أنكر آية في السماء ومن أنكر آية في السماء فقد كفر، وزاد غيره لأن الله تعالى في أعلى عليين وهو يدعى من أعلى لا من أسفل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير