تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من كتابه الإبانة عن أصول الديانة "صـ57 - 62

يقول:

الباب الخامس ذكر الاستواء على العرش

إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟

قيل له: نقول: إن الله عز و جل يستوي على عرشه استواء يليق به من غير طول استقرار كما قال: (الرحمن على العرش استوى) (5/ 20) وقد قال تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) من الآية (10/ 35) وقال تعالى: (بل رفعه الله إليه) من الآية (158/ 4) (1/ 106) وقال تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه) من الآية (5/ 32) وقال تعالى حاكيا عن فرعون لعنه الله: (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) من الآيتين (36 - 37/ 40) كذب موسى عليه السلام في قوله: إن الله سبحانه فوق السماوات

وقال تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) من الآية (16/ 67)

فالسماوات فوقها العرش فلما كان العرش فوق السماوات قال: (أأمنتم من في السماء) من الآية (14/ 67). . . لأنه مستو على العرش (1/ 107) الذي فوق السماوات وكل ما علا فهو سماء والعرش أعلى السماوات وليس إذا قال: (أأمنتم من في السماء) من الآية (16/ 67) يعني جميع السماوات وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات ألا ترى الله تعالى ذكر السماوات فقال تعالى: (وجعل القمر فيهن نورا) من الآية (16/ 7) ولم يرد أن القمر يملأهن جميعا وأنه فيهن جميعا ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات فلولا أن الله عز و جل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض 1 (1/ 108)

فصل

وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معنى قول الله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) (5/ 20) أنه استولى وملك وقهر وأن الله تعالى في كل مكان وجحدوا أن يكون الله عز و جل مستو على عرشه كما قال أهل الحق وذهبوا في الاستواء إلى القدرة

ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة لأن الله تعالى قادر على كل شيء والأرض لله سبحانه (1/ 109) قادر عليها وعلى الحشوش وعلى كل ما في العالم فلو كان الله مستويا على العرش بمعنى الاستيلاء وهو تعالى مستو على الأشياء كلها لكان مستويا على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقدار لأنه قادر على الأشياء مستول عليها وإذا كان قادرا على الأشياء كلها لم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول إن الله تعالى مستو على الحشوش والأخلية تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لم يجز أن يكون الاستواء على العرش الاستيلاء الذي هو عام في الأشياء كلها ووجب أن يكون معنى الاستواء يختص بالعرش دون الأشياء كلها

وزعمت المعتزلة والحرورية والجهمية أن الله تعالى في كل مكان فلزمهم أنه في بطن مريم وفي الحشوش والأخلية وهذا خلاف الدين. تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا

مسألة

ويقال لهم: إذا لم يكن مستويا على العرش بمعنى يختص العرش (1/ 110) دون غيره كما قال ذلك أهل العلم ونقله الأخبار وحملة الآثار وكان الله عز و جل في كل مكان فهو تحت الأرض التي السماء فوقها وإذا كان تحت الأرض والأرض فوقه والسماء فوق الأرض وفي هذا ما يلزمكم أن تقولوا إن الله تحت التحت والأشياء فوقه وأنه فوق الفوق والأشياء تحته وفي هذا ما يجب أنه تحت ما هو فوقه وفوق ما هو تحته وهذا هو المحال المتناقض تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

دليل آخر:

ومما يؤكد أن الله عز و جل مستو على عرشه دون الأشياء كلها ما نقله أهل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم

روى عفان قال: ثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا (1/ 111) عمرو بن دينار عن نافع عن جبير عن أبيه رضي الله عنهم أجمعين أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (ينزل ربنا عز و جل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير