تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسبب كلام هؤلاء العلماء في الغزالي وغيره هو: عدم سلوكهم طريقة السلف أهل السنة والجماعة في الإحاطة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة رضي الله عنهم، ولذلك قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية:» وأبو حامد لم ينشأ بين من كان يعرف طريقة هؤلاء، ولا تلقَّى عن هذه الطبقة، ولا كان خبيراً بطريقة الصحابة والتابعين، بل كان يقول عن نفسه:» أنا مُزجى البضاعة في الحديث «ولهذا يوجد في كُتبه من الأحاديث الموضوعة والحكايات الموضوعة مالا يَعتمد عليه من لهُ علمٌ بالآثار… «[شرح الأصفهانية ص 128]

والغزالي في آخر حياته تاب مما كان قد صدر منه مما يُخالف دين الإسلام، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حينما تكلم عنه فقال:» وأجود مالهُ من المواد المادة الصوفية ولو سلك فيها مسلك الصوفية وأهل العلم بالآثار النبوية واحترز عن تصوف المتفلسفة الصابئين لحصلَ مطلوبه، ونالَ مقصوده، ولكنه في آخر عُمره سلك هذا السبيل … «[شرح الأصفهانية ص 146]

ولذلك قال عنه تلميذه أبو الحسن عبدالغافر الفارسي: وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم اللذين هما حجة الإسلام … «[طبقات الشافعية للسبكي (4/ 111) وسير أعلام النبلاء للذهبي (19/ 325 – 326)]

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الغزالي مات وعلى صدره صحيح البخاري [درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (1/ 162)] وذكر عنه أنه كان يقول:» أكثر الناس شكاً عند الموت أهل الكلام «[مجموع الفتاوى (4/ 28)]

وألف كتباً في هذه المرحلة مثل:» إلجام العوام عن علم الكلام «و» وتهافت الفلاسفة «وغيرها،

فإذا كان الغزالي قد اعترف بما آل إليه أمره من الشك والحيرة في آخر حياته، وتاب مما قد صدر منه قبل مماته، فهذا أمرٌ بينه وبين الله تعالى المطلع على سريرته، وأما كتبه التي ألفها وفيها ما حذر العلماء منه فينبغي تركها والتحذير منها وعد اشتغال الناس بها، كما قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح:» أبو حامد كثُر القول فيه ومنه، فأما هذه الكُتب – يعني المخالفة للحق – فلا يُلتفتُ إليها، وأما الرجل فَيُسكت عنه ويفوض أمره إلى الله «[مجموع الفتاوى (4/ 65)].

الرازي أبو عبدالله عُمر بن الحسين المعروف (بابن الخطيب) المتوفى سنة 606 هـ

أما الرازي فقد أتعب نفسه طول حياته بالبحث فيما عاد عليه بالضرر من الحيرة والشك كما اعترف هو بنفسه، وقبل أن نذكر كلامه عن نفسه وكلام العلماء الصادقين فيه نبين بعض ما قد صدرَ منه من الأقوال الفاسدة والخطيرة المنحرفة،

[1] أنه كان يطعن في الأدلة الشرعية من حيث دلالتها فزعم أنها لا تُفيد اليقين، ومن حيث أن الأخبار الشرعية لا تفيد العلم، وهذه زلةٌ عظيمة تجرُّ بلاء عظيماً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:» فتجد أبا عبدالله الرازي يطعن في دلالة الأدلة اللفظية على اليقين وفي إفادة الأخبار للعلم، وهذان

هما مقدمة الزندقة «[مجموع الفتاوى (4/ 104)] وقال عنه في موضعٍ آخر:» أنه من أعظم الناس طعناً في الأدلة السمعية حتى ابتدع قولاً ما عُرف به قائلٌ مشهور غيره وهو أنها لا تفيد اليقين «[مجموع الفتاوى (13/ 141)].

[2] أنه قدم العقل على النقل من الكتاب والسنة، فجعل العقل أصلاً والنقل تابعاً، وافترض افتراضاً باطلاً وهو كما في كتابه تأسيس التقديس وهو: أنه لو خالف النقل عقلٌ فماذا يحصل؟!!، وهذا نوعٌ من الطعن في الأدلة الشرعية فإنه لا يمكن أن يُخالف نقلٌ صحيح عقلٌ سليم صريح،

كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم: درء تعارض العقل والنقل ويسمى أيضاً: موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكُتب أصول الدين لجميع الطوائف مملوءة بالاحتجاج بالأدلة السمعية الخبرية، لكن الرازي طعن في ذلك في المطالب العالية قال: لأن الاستدلال بالسمع مشروط بأن لا يُعارضه قاطعٌ عقلي، فإذا عارضه العقلي وجب تقديمه عليه، قال: والعلم بانتفاء المعارض العقلي متعذر، [مجموع الفتاوى (13/ 139)] وقد رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه السابق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير