قال الإمامُ الذهبيُّ معقِّبًا على هذا الأثرِ: «قلتُ: بلْ قولهم: إنَّه عزَّ وجلَّ في السَّماءِ وفي الأرضِ، لا امتيازَ للسَّماءِ. وقولُ عمومِ أمَّةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللهَ في السَّمَاءِ، يُطلقونَ ذلكَ وِفْقَ ما جاءتِ النُّصوصُ بإطلاقهِ، ولا يخوضونَ في تأويلاتِ المتكلِّمينَ، مَعَ جَزْمِ الكُلِّ بأنَّه تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]» [49].
33 - إسحاق بن راهويه عالم خراسان (238هـ)
قَالَ إسحاقُ بنُ راهويه رحمه الله: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5] إجماعُ أهلِ العِلْمِ أَنَّهُ فَوْقَ العَرْشِ اسْتَوَى، ويعلمُ كلَّ شيءٍ فِي أسفلِ الأرضِ السَّابعةِ.
قال الذهبيُّ معلِّقًا: اسمع وَيْحَكَ إِلَى هَذَا الإمامِ كيفَ نقلَ الإجماعَ عَلَى هذهِ المسألةِ الشَّريفةِ» [50].
34 - قُتَيْبَةُ بنُ سعيدٍ: شيخُ خراسانَ (240هـ)
قال قُتَيْبَةُ بنُ سعيد رحمه الله: هذا قولُ الأئمَّةِ في الإسلامِ السنَّةِ والجماعةِ: نَعْرِفُ ربَّنا في السَّمَاءِ السَّابعةِ على عَرْشِهِ، كمَا قالَ جلّ جلاله: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5].
فهذا قتيبةُ في إمامتهِ وصدقهِ قدْ نقلَ الإجماعَ على المسألةِ، وقدْ لقيَ مالكًا والليثَ وحمَّادَ بنَ زيدٍ والكبارَ، وعمَّرَ دهرًا وازدحمَ الحفَّاظُ على بابهِ [51].
35 - أحمدُ بن حنبل شيخُ الإسلام (241هـ)
قالَ الإمامُ أحمد رحمه الله في «الردِّ على الزنادقةِ والجهميَّةِ» (ص48 - 49):
«أَنْكَرْتُم أن يكونَ اللهُ على العَرْشِ، وقد قال تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5] وقال: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس: 3]، وقدْ أخبرنَا أنَّهُ في السَّماءِ فقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16]، {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: 17]، وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، وقال: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]، وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]، وقال: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ} [الأنبياء: 19]، وقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}، وقال: {ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3]، وقال: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18] وقال: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]. فهذا خبرُ اللهِ أخبرنَا أنَّهُ في السَّماءِ.
وإنَّما معنى قولهِ جلَّ ثناؤه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام: 3]، يقولُ: هوَ إلهُ مَنْ في السَّماواتِ وإلهُ مَنْ في الأرضِ، وهُوَ على العَرْشِ وقدْ أحاطَ عِلْمُهُ بما دونَ العرشِ، ولا يخلو منْ علمِ الله مكانٌ، ولا يكونُ علمُ الله في مكانٍ دونَ مكانٍ، فذلكَ قولُه: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12]» [52].
وقال يوسفُ بن موسى القطان شيخُ أبي بكرٍ الخلال: «قيلَ لأبي عبد الله: اللهُ فَوْق السَّمَاءِ السَّابِعَةِ على عَرْشِهِ بَائِنٌ منْ خَلْقِهِ، وقُدْرَتُهُ وعِلْمُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ؟ قالَ: نعمْ هوَ على عرشهِ ولا يخلو شيءٌ منْ علمهِ» [53].
وقال حنبلُ بنُ إسحاقَ: قلتُ لأبي عبدِ الله: ما معنى قولهِ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}؟ قال: عِلْمُهُ عِلْمُهُ.
وقال أبو بكرٍ المروزيُّ: حدثني محمدُ بن إبراهيم القيسيُّ قالَ: قلتُ لأحمدَ بنَ حنبلٍ: يُحكى عَنِ ابنِ المباركَ أنَّه قيلَ لهُ: كيفَ نعرفُ ربَّنَا؟ قالَ: في السَّماءِ السَّابِعَةِ على عَرْشِهِ. قال أحمدُ: هكذا هوَ عندنَا [54].
36 - الإمام الربانيُّ محمدُ بن أسلم الطوسيُّ (242هـ)
قالَ محمَّدُ بنُ أسلم رحمه الله: قال لي عبدُ الله بنُ طاهرٍ: بلغني أنَّكَ ترفعُ رأسَكَ إلى السَّماءِ، فقلتُ: ولِمَ؟ وهَلْ أَرْجُو الخَيْرَ إلَّا مِمَّنْ هُوَ فِي السَّمَاءِ [55]؟
¥