السَّماءِ، وإلهُ أهلِ الأرضِ لا إلهَ فيهما سواهُ، فهوَ فيهمَا إلهٌ إذْ كانَ مدبِّرًا لهما وما فيهما وهُوَ على عَرْشِهِ فَوْقَ كُلِّ شَيءٍ بَاقٍ [57].
38 - عبدُ الوهاب الوراق ُ (250هـ)
قال رحمه الله: «مَنْ زَعَمَ أنَّ اللهَ هاهنا فهو جَهْمِيٌّ خَبِيثٌ، إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ فَوْقَ العَرْشِ، وعِلْمُهُ مُحِيطٌ بالدُّنيا والآخِرَةِ» [58].
39 - خَشَيْشُ بن أصرم (253هـ)
قال أبو عاصم خَشيشُ بن أصرم رحمه الله: «وقدْ أنكرَ جهمٌ أنْ يكونَ اللهُ على العَرْشِ، وقالَ الله تباركَ وتعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ} [السجدة: 4]، وقالَ: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54]، وقالَ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5] وقالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَانُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59].
قالَ أبو عاصم: منْ كفرَ بآيةٍ منْ كتابِ الله؛ فقدْ كفرَ بهِ أجمع، فمنْ أنكرَ العرشَ؛ فقدْ كفرَ بالله. وجاءتِ الآثارُ بأنَّ لله عرشًا، وأنَّهُ على عرشهِ» [59].
قالَ أبو عاصم: وأنكرَ جهمٌ أنْ يكونَ اللهُ في السَّماءِ دونَ الأرضِ ... وقدْ دلَّ في كتابهِ أنَّهُ في السَّماءِ دونَ الأرضِ ... ثمَّ ذكرَ الآياتِ الدَّالَّةِ على عُلوِّ الله إلى أنْ قالَ:
لوْ كانَ في الأرضِ كمَا هوَ في السَّماء لم ينزلْ مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ شيءٌ، ولكانَ يصعدُ مِنَ الأرضِ إلى السَّماءِ كما ينزلُ مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ، وقدْ جاءتِ الآثارُ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنَّ الله عزَّ وجلَّ في السَّماء دونَ الأرضِ [60].
40 - الذهلي ُّ (258هـ)
قال الحاكمُ: قرأتُ بخطِ أبي عمرو المستملي: سئلَ محمدُ بنُ يحيى عنْ حديثِ عبدِ الله بن معاوية عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لِيَعْلَمِ العَبْدُ أنَّ اللهَ معهُ حيثُ كانَ» [61]، فقالَ: يريدُ أنَّ اللهَ عِلْمُهُ محيطٌ بكلِّ مكانٍ، واللهُ على العَرْشِ [62].
41 - إسماعيل بن يحيى المزنيُّ (264هـ)
قالَ محمَّدُ بنُ إسماعيل الترمذي: سمعتُ المزنيَّ يقولُ: «لا يَصِحُّ لأحدٍ توحيدٌ حتىَّ يعلمَ أنَّ اللهَ تعالى على العَرْشِ بصفاتهِ. قلتُ لهُ: مثلُ أيِّ شيءٍ؟ قالَ: سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَلِيمٌ» [63].
وقَالَ رحمه الله فِي «شرحِ السنَّةِ»: «(عالٍ) عَلَى عرشهِ (فِي مجدهِ بذاتِهِ) ... عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ، بَائِنٌ منْ خَلْقِهِ» [64].
قال العلامةُ الألبانيُّ رحمه الله: «واعلمْ أنَّ لفظةَ (بائنٌ) كَثُرَ ورودُهَا فِي عقيدةِ السَّلفِ فِي قولهم: «هَوَ تَعَالى عَلَى عَرْشِهِ، بائِنٌ من خَلْقِهِ» وحكاها أبو زرعة وأبو حاتم الرّازيانِ عَنِ العلماءِ فِي جميعِ الأمصارِ، وإنَّما نطقَ العلماءُ بهاتَيْنِ اللفظَتَيْنِ: «بذاتهِ» و «بائنٌ» - بعدَ أنْ لم تكونَا معروفتينِ فِي عهدِ الصَّحابةِ رضي الله عنهم - لمَّا ابتدعَ الجهمُ [65] وأتباعهُ القولَ بأنَّ الله فِي كلِّ مكانٍ، فاقتضت ضرورةُ البيانِ أنْ يتلفَّظَ هؤلاءِ الأئمَّةِ الأعلامِ بلفظِ «بائنٌ» دونَ أنْ ينكرهُ أحدٌ منهم» [66].
42 - أبو زُرعة الرازيُّ (264هـ)
قَالَ عبدُ الرَّحْمن بن أبي حاتم: سألتُ أبي وأبا زرعةَ عَن مذاهبِ أهلِ السنَّةِ فِي أصولِ الدِّينِ، وما أدركا عَلَيهِ العلماءُ فِي جميعِ الأمصارِ ومَا يعتقدانِ فِي ذلكَ؟ فقالا:
«أدركنَا العلماءَ فِي جميعِ الأمصارِ - حجازًا وعراقًا وشامًا ويَمَنًا - فكانَ منْ مذهبهم:
وأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ منْ خَلْقِهِ كَمَا وصفَ نفسَهُ فِي كتابهِ وعلى لسانِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم بلا كيفٍ، أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]» [67].
¥