تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقدْ أكذبهمُ القرآنُ والسُّنَّةُ وأقاويلُ الصَّحابةِ والتَّابعينَ مِنْ علماءِ المسلمينَ.

فقيلَ للحلوليِّةِ: لِمَ أنكرتمْ أنْ يكونَ اللهُ تعالى على العرشِ؟

وقال اللهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: 5]. وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَانُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59].

فهذا خبرُ الله أَخْبَرَ بهِ عنْ نَفْسِهِ، وأنَّهُ على العَرْشِ.

وقال: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: 3]، ثمَّ قالَ: {وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ} [الأنعام: 3]، فأخبرَ أنَّهُ في السَّماءِ، وأنَّهُ بِعِلْمِهِ في الأرضِ.

وقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، فهلْ يكونُ الصُّعودُ إلَّا إلى ما علا؟.

وقَالَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى *} [الأعلى: 1] فَأَخْبَرَ أنَّهُ أعلى مِنْ خلقِهِ.

وقَالَ: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]، فأخبرَ أنَّهُ فوقَ الملائكةِ.

وقدْ أخبرنَا اللهُ تعالى أنَّهُ في السَّمَاءِ على العرشِ.

أَوَ مَا سَمِعَ الحُلوليُّ قولَ الله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *} {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ *} [الملك: 16 - 17]. وقولَه لعيسى عليه السلام: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]. وقَالَ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]. وقَالَ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18 و61]. وقَالَ: {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ *} {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 3 - 4]. وقَالَ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [الأنبياء: 19]. وقَالَ: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} [غافر: 15]، ومِثْلُ هذا كثيرٌ في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

فأمَّا قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4]، فهوَ كمَا قالَ العلماءُ: عِلْمُهُ.

وأمَّا قولُهُ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام: 3]، كمَا قالَ: {وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ} [الأنعام: 3]، ومعناهُ أيضًا: أنَّهُ هوَ اللهُ في السَّماواتِ، وهوَ اللهُ في الأرضِ.

وتصديقُ ذلكَ في كتابِ الله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84].

واحْتَجَّ الجَهْمِيُّ بقولِ الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7].

فقالوا: إنَّ الله معنا وفينا.

وقدْ فسَّر العلماءُ هذهِ الآية: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ} [المجادلة: 7] إلى قولهِ: {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7]، إنَّما عنى بذلكَ: عِلْمُهُ، ألاَ ترى أنَّهُ قالَ في أوَّلِ الآيةِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7]، فرجعتِ الهاءُ والواوُ منْ هو على عِلْمِهِ لا على ذَاتِهِ. ثمَّ قالَ في آخرِ الآيةِ: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]، فعادَ الوصفُ إلى العلمِ، وبَيَّنَ أنَّهُ إنَّما أرادَ بذلكَ العِلْمَ، وأنَّهُ عليمٌ بأمورِهم كُلِّها» [11].

وقالَ رحمه الله: «بابُ ذِكْرِ العَرْشِ والإيمانِ بأنَّ لله تعالى عَرْشًا فوقَ السَّمواتِ السَّبْعِ.

اعلموا - رحمكمُ الله -: أنَّ الجهميةَ تجحدُ أنَّ لله عرشًا، وقالوا: لا نقولُ إنَّ اللهَ على العَرْشِ؛ لأنَّهُ أعظمُ مِنَ العرشِ، ومتىَ اعترفنا أنَّه على العرشِ؛ فقدْ حَدَّدْناهُ، وقدْ خَلَتْ منهُ أماكنُ كثيرةٌ غيرُ العرشِ؛ فرَدُّوا نصَّ التنزيلِ، وكذَّبوا أخبارَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير