تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصَّالحِ أنَّه استوى على عرشهِ حقيقةً وخصَّ العرشَ بذلكَ لأنَّه أعظمُ مخلوقاتهِ، وإنَّما جهلوا كيفيةَ الاستواءِ فإنَّه لا تُعلم حقيقتهُ» [52].

وقالَ فِي «الأسنى» - بعد أن حكى أربعةَ عَشَرَ قولًا فِي معنى الاسْتِوَاءِ -:

«وأظهرُ هذهِ الأقوالِ - وإنْ كنتُ لاَ أقولُ بِهِ وَلاَ أختارهُ [53]- مَا تظاهرت عَلَيهِ الآيُ والأخبارُ أنَّ الله سُبْحَانهُ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أخبرَ فِي كتابهِ وعلى لسانِ نبيِّهِ بلا كَيْفٍ، بائنٌ منْ جميعِ خَلْقِهِ. هَذَا جُمْلَةُ مذهبِ السَّلفِ الصَّالحِ فيما نَقَلَ عنهمُ الثِّقَاتُ» [54].

وفي قولهِ رحمه الله: «وإنْ كنتُ لا أقولُ بهِ»، غايةُ العجبِ؛ لأنَّهُ اعترفَ بتظافرِ الآياتِ القرآنيةِ عليهِ ودلالةِ الأخبارِ النبويةِ إليهِ وتعويلِ السَّلف الصالحِ الأخيارِ عليهِ، فكيفَ يليقُ مِنْ مثلهِ أنْ يقولَ: وإنْ كنتُ لا أقولُ بهِ ولا أختارهُ، مَعَ الدلالاتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ وكونهِ معتقدَ الرَّعيلِ الأوَّلِ؟!

104 - الشيخ الفقيهُ الصالحُ تقيُّ الدين المقدسي ُّ (608 - ؟)

قال الذهبي رحمه الله: «رأيت له مُصَنَّفًا في الصِّفاتِ، ولمْ يصحَّ عنهُ ما كانَ يلطخ بهِ مِنَ التَّجسيمِ، فإنَّ الرجلَ كانَ أتقى لله وأخوفَ منْ أنْ يقولَ على الله ذلكَ، ولا ينبغي أنْ يُسْمَعَ فيهِ قولُ الخصومِ.

وكانَ الواقعُ بينهُ وبينَ شيخنا العلامة شمس الدين ابن أبي عمر وأصحابه، وهو فكانَ حنبليًّا خشنًا متحزقًا على الأشعريةِ. وبلغني أنَّ بعضَ المتكلِّمينَ قالَ لهُ: أنتَ تقولُ إنَّ الله استوى على العرشِ؟ فقالَ: لا والله ما قلتهُ، لكنَّ الله قالهُ، والرسولُ صلى الله عليه وسلم بلَّغَ، وأنا صَدَّقتُ، وأنتَ كَذَّبْتَ. فأَفْحَمَ الرَّجلَ» [55].

105 - العلاّمةُ الشَّوكانِيُّ (1255هـ)

قال رحمه الله: «الاستواءُ على العرش، والكونُ في تلكَ الجهةِ، قد صرَّح به القرآنُ الكريمُ في مواطنَ يكثرُ حصرهَا، ويطولُ نشرها. وكذلكَ صرَّح بهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في غيرِ حديثٍ، بل هذا ممَّا يجده كلُّ فردٍ منْ أفرادِ النَّاسِ في نفسهِ، وتحِسه في فطرته وتجذبه إليه طبيعتهُ كما نراه في كلِّ مَنِ استغاثَ بالله سبحانه وتعالى، والتجأَ إليهِ، ووجَّهَ أدعيتهُ إلى جانبهِ الرفيعِ وعزِّهِ المنيعِ، فإنَّهُ يشيرُ عندَ ذلكَ بكفهِ أو يرمي إلى السَّماءِ بطرفهِ، ويستوي في ذلكَ عندَ عروضِ أسبابِ الدعاءِ وحدوثِ بواعثِ الاستغاثةِ ووجودِ مقتضياتِ الإزعاجِ، وظهورِ دواعي الالتجاءِ، عالمُ الناس وجاهلهم. والماشي على طريقِ السَّلفِ والمقتدي بأهلِ التأويلِ القائلينَ بأنَّ الاستواءَ هو الاستيلاءُ، فالسلامةُ والنجاةُ في إمرارِ ذلكَ على الظاهرِ والإذعان بأنَّ الاستواءَ والكون على ما نطقَ بهِ الكتابُ والسنةُ منْ دونِ تكييفٍ ولا تكلُّفٍ، ولا قيل ولا قال، ولا قصورٍ في شيءٍ منَ المقالِ.

فمنْ جاوزَ هذا المقدارَ بإفراطٍ أو تفريطٍ فهو غيرُ مقتدٍ بالسَّلفِ، ولا واقفٍ في طريقِ النَّجاةِ، ولا معتصمٍ عَنِ الخطأ ولا سالكٍ في طريقِ السلامة والاستقامة» [56].

[1] مجموع الفتاوى (5/ 60).

[2] مجموع الفتاوى (5/ 60).

[3] طبعة دار طويق - الرياض، الطبعة الأولى: 1419هـ.

[4] رسالة فِي «إثبات الاسْتِوَاء والفوقية» (ص32 - 84).

[5] الرسالة الوافية (ص129 - 132)، طبعة دار الإمام أحمد - الكويت - تحقيق: دغش بن شبيب العجمي.

[6] الأرجوزة المنبِّهة (ص180)، لأبي عمرو الداني.

[7] الحجة في بيان المحجة (1/ 248 - 250).

[8] عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص36 - 37).

[9] مختصر العلو (ص266 - 267).

[10] الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص123).

[11] الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص129 - 131).

[12] المعتمد في أصول الدين (ص54 - 55).

[13] إبطال التأويلات (ص43).

[14] إبطال التأويلات (ص71).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير