تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنقول الآن – إذا كان ذلك صحيحاً – في الدلالة عليه بأي ألسن العرب أنزل: أبألسن جميعها أم بألسن بعضها .. ؟؟. إذ كانت العرب وإن جمع جميعها اسم أنَّهم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان متباينو المنطق والكلام ". انتهى كلام الطبري.

قلت: وهذا الاستخدام شائع جداً في لغة العرب، لكن لمَّا أصبحنا نجهل كل شيء – حتى اللغة التي نتكلم بها وأسلوبها – أضحى الجهل حكماً نحاكم به أقوال أهل العلم الثقات، والله المستعان.

انظروا إلى جهل هؤلاء وحماقتهم، كيف فهموا كلام الإمام الدارمي هذا الفهم الخاطىء، ونسبوا إليه كلاماً شنيعاً لم يقله، ولا ينبغي لمثله أن يقوله، حيث قالوا:" لله له لسان، نعم لله: (تعالى الله). لسان عن – ولعلَّ الصواب أن يقولوا عند الدارمي - الدارمي ".

وهذا واضح جلي لمن أراد أن يقف على الحق، وأن لا يخالف في الفهم ولا يشطط.

و أمَّا ما استدللتم به لتثبيت اتهامكم للإمام الدارمي رحمه الله تعالى، بأنَّه يقول:" إنَّ لله لسان ". حيث قلتم ما نصه:

" وفي ص/81 من نفس الكتاب من مطبوعة السويد 1960 يقول الدارمي:

" قال كعب الأحبار: لمَّا كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه طفق يقول: أي رب ما أفقه هذا حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل لسان موسى وبمثل صوت موسى ".

فهو من أوضح الأدلة على صحة ما ذهبنا إليه، من أنَّ المقصود من معنى اللسان الوارد في كلام الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، هنا هو:" اللغة ". وليس اللسان بمعنى الجارحة المعروفة، وذلك للأمور التالية:

1 - إذ يُفهم هذا - و بوضوح - من خلال سياق الكلام، حيث جاء في هذا الأثر:" حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه ". أي بلغة موسى، فإذا لم نفهم هذا النص، يلزمكم أن يكون الله تعالى قد اقتلع لسان موسى و أخذ يتكلم به، من يقول هذا الهراء إلاَّ الجاهل أمثالكم .. ؟؟.

2 - ومن أوضح الأدلة على صحة هذا المعنى، أنَّ موسى عليه السلام لم يفقه من كلام الله شيء، حتى كلمه الله تعالى بلسانه – أي بلغته – ولا يعقل أن يفهم غير هذا، طبعاً أنا هنا أشرح لا أقرر.

3 – وإلاَّ إذا لم يكن هذا هو المعنى الصحيح لهذا النص، فليزمكم أن تطعنوا في أئمتكم الأشاعرة، كتاج الدين السبكي والحافظ البغدادي والحافظ ابن عساكر والحافظ السيوطي وغيرهم، إذ أنَّ سكوت هؤلاء جميعاً عن التنبيه إلى هذا الكلام الذي فيه تجسيم – بنظركم طبعاً - وتعديلهم الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، يتعبر تواطؤاً منهم على التستر على هذا المجسم الكافر، والعياذ بالله تعالى.

لذا نقول:

لقد خاب ظنكم، وطاش سهمكم، في إثبات ما أردتم إثباته من تجسيم على الإمام الدارمي رحمه الله تعالى من خلال هذا النص، وإنَّ ما قلتموه بأنَّه يقول:" لله له لسان ". ما هو إلاَّ كذب وافتراء منكم على هذا الإمام الجليل، والذي سيكون خصمكم يوم القيامة إن لم تتوبوا من غيكم، وترجعوا إلى الصواب وتبرأوه مما نسبتموه إليه من كذب مكشوف هو منه براء.

ثُمَّ إنَّ في قولكم:" يقول الدارمي ". تدليس قبيح يأباه أهل الدين والصلاح، إذ أنَّ الدارمي لم يورد هذا الخبر عن كعب الأحبار إلاَّ مسنداً، حيث قال:

" قرأتُ على أبي اليمان قلتُ: أخبركم شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنَّه أخبره بن جابر الخثعمي أنّه سمع كعب الأحبار يقول لما كلم الله موسى .. ".

هكذا أورد الإمام الدارمي رحمه الله تعالى هذا الأثر، بإسناده إلى كعب بن الأحبار، فإذا كان هذا تجسمٌ، يُكفر به الإمام الدارمي، لزمكم تكفير كل من روى هذا الحبر – قبل وبعد الدارمي رحمه الله تعالى – وهم على سبيل المثال:

1 – الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله تعالى، حيث أخرجه في تفسيره: (9/ 406). من طريق أبو يونس المكي قال: حدَّثنا ابن أبي أويس قال أخي عن سليمان عن محمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أنَّه أخبره جزء بن جابر الخثعمي: أنَّه سمع كعب الأحبار يقول: لمَّا كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه، فطفق موسى يقول: أي رب والله ما أفقه هذا!!. حتى كلمه آخر بلسانه بمثل صوته، فقال موسى: أي رب أهكذا كلامك .. ؟؟. فقال: لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئاً، قال: أي رب هل في خلقك شيء يشبه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير