وكلامه صريح في نفي التشبيه عن صفات الله تعالى، وقال لا نكيف هذه الصفات ولا نشبهها، " ونعني كما عنى والتكييف عنَّا مرفوع، وذكر الجوارح والأعضاء تكلف منك وتنشيع ".
هذا هو كلامه ألا تستحون من الله تعالى، من هذا الكذب والإفتراء على مثل هذا الإمام الكبير رحمه الله تعالى.
الثاني: لقد بينا فيما مضى أنَّ الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، قد أخطأ – خطأً لفظياً – حينما نسب إلى الله تعالى الحركة، فأنَّه لم يقصد أبداً هذا المعنى الذي فهمتموه من كلامه أنَّه يتحرك وينزل كتحرك ونزول الإنسان، كيف له أن يقول بذلك وهو الذي كفَّر من يقول بالتشبيه أو التجسيم، كما نقلنا كلامه الصريح في هذا الباب .. !!.
استحوا من الله وكفاكم كذباً وتدليساً على هذا الإمام الكبير رحمه الله تعالى .. !!. فنحن لكم بالمرصاد إن شاء الله تعالى.
قالوا:
" ص /71 يقول الدارمي على رسول الله أنَّه قال:" آتى باب الجنة فيفتح لي فأرى ربي وهو على كرسيه تارة يكون بذاته على العرش وتارة يكون بذاته على الكرسي.
في كتاب الدارمي في الرد على بشر المريسي ص/74: وإنَّ كرسيه وسع السموات والأرض، وأنَّه ليقعد عليه فما يفضل منه إلاَّ قدر أربع أصابع، وأنَّه له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد من يثقله.
وينسب هذا إلى النبي، والعياذ بالله ".
وللجواب عن هذا أقول:
1 – أمَّا قولكم:" يقول الدارمي على رسول الله أنَّه قال:" آتى باب الجنة فيفتح لي فأرى ربي وهو على كرسيه تارة يكون بذاته على العرش وتارة يكون بذاته على الكرسي ". فإنَّ هذا من باب الرواية بالمعنى، وهذا لا ضير فيه، فإنَّ أكثر الأحاديث رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمعنى، كما هو معلوم معروف عند أهل الحديث.
والحديث هو: ما أخرجه الدارمي رحمه الله تعالى بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال في كتابه الرد على الجهمية: (ص96 رقم184). وفي كتابه نقض الدارمي على المريسي: (ص14). حدَّثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد - يعني بن سلمة – عن علي بن زيد عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عبَّاس على هذا المنبر، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي إلاَّ له دعوة تعجلها في الدنيا وإنَّي اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة وأنا سيد ولد آدم ولا فخر وأول من تنشق عنه الأرض ولا فخر وبيدي لواء الحمد لا فخر 0 قال رسول الله: فيطول ذلك اليوم على النَّاس فيقول بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فليشفع لنا إلى ربنا وساق الحديث إلى قوله: فآتي باب الجنة فأخذ بحلقة الباب فأقرع الباب فيُقال من أنت فأقول: أنا محمد فيفتح الباب فآتي ربي وهو على كرسيه أو على سريره فيتجلى لي فأخر له ساجداً، وساق أبو سلمة الحديث بطوله إلى آخره.
هذا هو النص الصحيح الذي أخرجه الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كما ترى لا يختلف كثيراً من حيث المعنى عن كلام الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، وإن كنَّا نحن نحبذ أن لا يتصرف الإمام الدارمي رحمه الله تعالى باللفظ، حتى لا يقع في شراك جهلكم.
وما تعيبونه على الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، قد شركه فيه غيره، كالإمام أحمد رحمه الله تعالى، إذ أنَّه قد أخرج هذا الحديث في مسنده: (4/ 330رقم 2546). من طريق عفَّان قال حدَّثنا حمَّاد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عبَّاس .. ثُمَّ ذكر الحديث بطوله، وفيه:" فآتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب، فأقرع الباب فيُقال: من أنت .. ؟؟. فأقول: أنا محمد فيُفتح لي فآتي ربي عزَّ وجل على كرسيه – أو سريره شكَّ حمَّاد – فأخر له ساجداً .. ".
وهذا كما ترى، أنَّه يتفق مع ما أخرجه الإمام الدارمي رحمه الله تعالى سنداً ومتناً، فكيف يسوغ لكم أن تقولوا:" وينسب هذا إلى النبي، والعياذ بالله ".
نعم و:" العياذ بالله ". و لكن من كذبكم وتكذيبكم وجهلكم .. هداكم الله تعالى.
ألا تستحوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تردوا أحاديثه، فقط من أجل نصر باطلكم، هذا مع العلم بأنَّ هذا الحديث قد حسَّنه الشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله تعالى، وهو أقرب إلى المذهب الأشعري في مسألة الأسماء والصفات.
¥