كما أخرج هذا الحديث أيضاً الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده: (4/ 430 رقم2834).
والإمام البيهقي – وهو أقرب إلى المذهب الأشعري في مسألة الأسماء والصفات - في كتابه دلائل النبوة: (5/ 481). وغيرهم كثير.
وبعد كل هذا، هل علمتم أنَّ هذا الحديث ليس من اختراع الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، وأنَّه لم يكذب – كما تكذبون – على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ؟؟.
2 - وما قلناه عنه هذا الحديث، نقوله عن حديث: " وإنَّ كرسيه وسع السموات والأرض، وأنَّه ليقعد عليه فما يفضل منه إلاَّ قدر أربع أصابع، وأنَّه له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد من يثقله ".
أقول إنَّ هذا نص حديث أخرجه الإمام الدارمي رحمه الله تعالى في كتابه الرد على المريسي: (ص74). من طريق عبد الله بن رجاء أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة، قال: أتت أمرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة فعظم الرب، فقال: إنَّ كرسيه وسع السموات والأرض وإنَّه ليعقد عليه فما يفضل منه إلاَّ قدر أربع أصابع ومد أصابعه الأربع وإنَّ له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركبه من يثقله.
وهذا الحديث لم ينفرد بروايته الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، بل شركه في إخراجه الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره، وبل وأخرجه من عدة طرق،، وبل وذهب إلى الإحتجاج به أيضاً، فقد قال رحمه الله تعالى – بعد أن ذكر أقول أهل العلم في معنى العرش فمن قائل أنَّه:" علمه ". ومن قائل أنَّه:" موضع القدمين ". ومن قائل:" هو العرش نفسه " - قال: (5/ 399).
" ولكل قول من هذه الأقوال وجه ومذهب، غير أنَّ الذي هو أولى بتأويل الآية ما جاء به الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما حدَّثني به عبد الله بن أبي زياد القطواني قال: حدَّثنا عبيد الله بن موسى قال: حدَّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة قال: أتتْ امرأةٌ النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة. فعظَّم الرب تعالى ذكره، ثُمَّ قال: إنَّ كرسيه وسع السموات والأرض وأنَّه ليقعد عليه فما يفضل منه أربع أصابع – ثُمَّ قال بأصابعه فجمعها – وإنَّ له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله.
حدَّثني عبد الله بن أبي زياد قال: حدَّثنا يحيى بن أبي بكر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ..
حدَّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدَّثنا أبو أحمد قال حدَّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة، قال: جاءتْ امرأة فذكر نحوه ". انتهى كلام الإمام الطبري.
فأي نقد توجهونه إلى الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، هو متجه لا محال إلى الإمام الطبري، فإذا ذهبتم إلى أنَّ رواية هذا الحديث والاحتجاج به تجسيم، فإنَّ الإمام الطبري رحمه الله تعالى مجسم، فهذا لازم قولكم لا انفكاك لكم عنه، فانظروا إلى أين تذهبون بعلماء الأمة وأثباتها .. !!.
والحديث أخرجه الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في تاريخ بغداد: (8/ 52). والإمام الدارقطني في كتابه الصفات: (ص49رقم35). وغيرهم.
وقال الكرمي في كتابه أقاويل الثقات: (ص119).
" وكما اعترض بعضهم على الحنابلة في حديث رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: استوى على العرش فما يفضل منه إلاَّ مقدار أربع أصابع، قال المعترضون للحنابلة: وهذا يوهم دخول كمية، وإجراء هذا مستحيل في حق الرب
إلاَّ على قول المشبهة والمجسمة الذين يثبتون لله ذاتاً لها كمية وصخامة، وهذا مما اتفقنا نحن وأنتم على تكفير القائل به.
فقال الحنابلة: أمَّا هذا الحديث فنحن لم نقله من عند أنفسنا، فقد رواه عامة أئمة الحديث في كتبهم التي قصدوا فيها نقل الأخبار الصحيحة، وتكلموا على توثيقه رجاله وتصحيح طرقه من الأئمة جماعة أحدهم إمامنا أحمد – أي أحمد بن حنبل – وأبو بكر بن الخلال صاحبه وابن بطة والدارقطني في كتاب الصفات الذي جمعه وضبط طرقه وحفظ عدالة رواته، وهو حديث ثابت لا سبيل إلى دفعه ورده إلاَّ بطريق العناد والمكابرة ".
ثُمَّ قال:" والتأويل يمكن ". ثم ذهب إلى تأويله، لكن ما استطاع أن يرده من جهة الثبوت.
فكل كلام على الإمام الدارمي رحمه الله تعالى، بشأن هذا الحديث، يُقال عن هؤلاء الأئمة الذين رووا هذا الحديث واحتجوا به، كالإمام أحمد وتلميذه أبو بكر الخلال وابن بطة والطبري والدارقطني وغيرهم، كما ذكرنا فيما مضى.
ومن هنا فإنَّ قولكم:" وينسب هذا إلى النبي، والعياذ بالله ". مجازفة علمية تنم عن جهلكم، وتعجرفكم - هداكم الله - إذا أنَّ الإمام الدارمي رحمه الله تعالى روى هذا الحديث بإسناده – كما صنع غيره - إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا أدري ما وجه قولكم هذا:" وينسب هذا إلى النبي ". بعد أن علمنا أنَّ هؤلاء الأئمة قد رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الإمام الدرامي رحمه الله تعالى. .. ؟؟.
يتبع إن شاء الله تعالى
أخوكم من بلاد الشام
أبو محمد السوري
¥