تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فكان من جوابه:

وكذلك قد أخبر في غير موضع من القرآن أن القرآن نزل منه وأنه نزل به جبريل منه رداً على هذا المبتدع المفتري وأمثاله ممن يقول إنه لم ينزل منه قال تعالى: {أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق}، وقال تعالى: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق} وروح القدس هو جبريل كما قال في الآية الأخرى {نزل به الروح الأمين على قلبك} وقال {من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله} وقال هنا {نزله روح القدس من ربك} فبين أن جبريل نزله من الله لا من هواء ولا من لوح ولا غير ذلك وكذلك سائر آيات القرآن ... فقد بين في غير موضع أنه منزل من الله فمن قال إنه منزل من بعض المخلوقات كاللوح والهواء فهو مفتر على الله مكذب لكتاب الله متبع لغير سبيل المؤمنين ألا ترى أن الله فرّق بين ما نزل منه وما نزله من بعض المخلوقات كالمطر بأن قال {أنزل من السماء ماء} .. ولو كان جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ لكان اليهود أكرم على الله من أمة محمد لأنه قد ثبت بالنقل الصحيح أن الله كتب لموسى التوراة بيده وأنزلها مكتوبة فيكون بنو إسرائيل قد قرأوا الألواح التي كتبها الله وأما المسلمون فأخذوه عن محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد أخذه عن جبريل وجبريل عن اللوح فيكون بنو إسرائيل بمنزلة جبريل وتكون منزلة بني إسرائيل أرفع من منزلة محمد صلى الله عليه وسلم على قول هؤلاء الجهمية والله سبحانه جعل من فضائل أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنه أنزل عليهم كتاباً لا يغسله الماء وأنه أنزله عليهم تلاوة لا كتابة وفرقه عليهم لأجل ذلك فقال: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً} وقال تعالى: {وقالوا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً} ثم إن كان جبريل لم يسمعه من الله وإنما وجده مكتوباً كانت العبارة عبارة جبريل وكان القرآن كلام جبريل ترجم به عن الله كما يترجم عن الأخرس الذي كتب كلاماً ولم يقدر أن يتكلم به وهذا خلاف دين المسلمين وإن احتج محتج بقوله: {إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين} قيل له فقد قال في الآية الأخرى: {إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون} فالرسول في هذه الآية محمد صلى الله عليه وسلم والرسول في الأخرى جبريل فلو أريد به أن الرسول أحدث عبارته لتناقض الخبران فعُلم أنه أضافه إليه إضافة تبليغ لا إضافة إحداث ولهذا قال: {لقول رسول} ولم يقل ملك ولا نبي ولا ريب أن الرسول بلغه كما قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} فكان النبي يعرض نفسه على الناس في الموسم ويقول ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ولما أنزل الله {ألم غلبت الروم} خرج أبو بكر الصديق فقرأها على الناس فقالوا هذا كلامك أم كلام صاحبك فقال ليس بكلامي ولا كلام صاحبي ولكنه كلام الله ... وهذه المسألة من أصول أهل الإيمان والسنة التي فارقوا بها الجهمية من المعتزلة والفلاسفة ونحوهم والكلام عليها مبسوط فى غير هذا الموضع والله أعلم ...

وقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آلالشيخ ـ رحمه الله ـ نفس السؤال فأجاب في كتاب فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم:

هذه المقالة مبنية على أَصل فاسد، وهو القول بخلق القرآن، وهذه هي مقالة الجهميةوالمعتزلة ومن نحى نحوهم. وهذه المقالة الخاطئة حقيقتها إنكار أَن يكون اللهمتكلمًا حقيقة، ويلزم هذه المقالة من الكفر والإلحاد والزندقة وإنكار الرسالة ووصفالله تعالى بالخرس وتشبيهه بآلهة المشركين الأصنام التي لا تنطق وغير ذلك منالمحاذير الكفرية ما يعرفه أَهل العلم فان الذيعليه أَهل السنة والجماعة قاطبة أَنالله تعالى لم يزل متكلمًا إذا شاءَ ومتى شاءَ وكيف شاءَ، وأن جبريل عليه السلامسمع القرآن الكريم من الله تعالى، وبلغه إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

والقائلونبخلق القرآن منهم من يقول: خلقه في اللوح المحفوظ، وأَخذ جبريل ذلك المخلوق مناللوح المحفوظ، وجاءَ به إلى محمد صلى الله عليه وسلم. ومنهم من يقول: خلقه فيجبريل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير