حسامٌ ينسل على رسام الرسول
ـ[ابو اسحاق الاطرشي]ــــــــ[14 - 05 - 10, 01:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي عصمه الله مِن الناس فقال الله {والله يعصمك مِن الناس} (المائدة: 67) ويقول فيها إمام التفسير إبن كثير رحمه الله: " أي بلغ أنت رسالتي وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على أعدائك ومظفرك بهم فلا تخف ولا تحزن فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك " إنتهى كلامه.
ذلك النبي عليه الصلاة والسلام الذي حفظه الله طوال فترة الدعوة وجعل له مواقف لتحميصه والمؤمنين وليكون قدوة حسنة تتجسد فيها تعاليم الاسلام ومنهج الله – ليكون مثالا حيا يلمسه المسلمون ويكون تحفيزا ومحركا لهم – ثُم مكّن له في الأرض بعد طول إبتلاء وعناء ومِصداق هذه السنة الربانية قول النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح: " وكذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة " [1] فأعطى الله لرسوله عليه الصلاة والسلام التمكين في الأرض بعد طول زمان مِن الإبتلاء والتطهير والتجهيز لهذا الأمر العظيم والجليل ألا وهو " إخراج الناس مِن عبادة الناس وتعبيدهم لرب الناس " , فكانوا على قدر مسؤولية تلقي الحاكمية وتحقيق الآية {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم} (الزخرف: 84) , فعِبادة الله في الأرض تكون بإتباع نهجه المعصوم واتباع خير الهدي – هدي نبيه عليه الصلاة والسلام – فهو الذي وضع النظام الكامل القويم المنزه مِن كل نقص أو عيب سبحانه , وكيف لا يكون خير نظام والذي وضعه خالق السماوات والأرض والجِبال والكون بأسره وخالق الإنسان؟ {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} (المائدة: 50)؟؟
وبِما أن الله عصم نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام مِن كل سوء فقد رأينا في المدة الأخيرة حُساما مِغوارا وبطلا وأسدٌ مِن أسود الإسلام ينسل وينقض على رسام الرسول عليه الصلاة والسلام وهو في مؤتمر له وضربه وخلّف فيه إصابات طفيفة وإعتقل الشاب المسلم الغيور , وهذا العمل البطولي الذي قام به هذا الشاب – الذي سخره الله للذب عن نبيه عليه الصلاة والسلام تحقيقا لوعده كما في الآية التي ذكرناها في البداية – عملٌ طيبٌ نحتاج له كثيرا في زماننا هذا!! فذلك الشاب حفظه الله يُذكرنا بقول النبي عليه الصلاة والسلام: " فوالذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده " [2] الذي آثر رسول الله عليه الصلاة والسلام على نفسه وأراد رِضى الله وطلب الإيمان كاملا فضحى مِن أجلها ورمى بنفسه على الرسام الكافر الحقير المحارب لدين الله وللرسول وللمؤمنين الذي لم يسمع قول الله {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} (المنافقون: 8) فجعل العزة بمحاربة الله ورسوله والمسلمين أجمعين! والذي لم يسمع قول الله {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} (الحج: 38) فظن أن إمساك الشاب حفظه الله سيجره إلى الويلات والله يدافع عنه إن شاء الله فقد أحسن إذ ذب عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وضحى بنفسه أفلا يُحسن الله إليه ويُدافع عنه؟ {هل جزاء الاحسان إلا الإحسان} (الرحمن: 60) , بلى وربي إنه في حِفظ الرحمن جل جلاله!! {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذي جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} (آل عمران: 142)؟
إن هذا الموقف الشريف الطيب يُذكرنا بعَهد الصحابة رضوان الله عليهم حينما كانوا يذبون عن رسول الله عليه الصلاة والسلام , فها هو أحد مشركي العرب الكِبار يسب النبي عليه الصلاة والسلام ويتعرض له فيطلب الرسول عليه الصلاة والسلام فارسا مغوارا أن يأتي برأس هذا الرجل الكافر المحارب لدين الله فذهب الصحابي رضي الله عنه وأحضر رأس هذا الكلب المحارب لدين الله!
وذاك أبو بكر رضي الله عنه يدافع عن الرسول عليه الصلاة والسلام حينما تنقض سادة قريش على النبي عليه الصلاة والسلام فيحول بينهم قائلا {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} (غافر: 28)!
وذاك الصحابي أبو أيوب رضي الله عنه يفرح لقدوم الرسول عليه الصلاة والسلام عِنده زائرا يطعمه ويكرمه والإبتسامة تعلو وجه الصحابي الجليل رضي الله عنه!
وها هم صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام حينما جهر بالدعوة يذبون عنه ضرب الناس له – من اطفال وشباب وشيوخ – معرضين أنفسهم لأشد العذاب والهلاك والطرد والنفي والإعتقال والتقتيل والمقاطعة والتنكيل كما عرض نفسه حُسامنا المغوار حفظه الله , فلا يضره خذلان الخاذلين ولا يحملهم نُباح الكُفرة على ترك الدعوة الصافية الطاهرة ولا يعكر تضحيتهم للدِماء المخالفين مِن الكافرين والمنافقين – وسيظل الصادقون المسلمون هكذا تقوم الساعة بإذن الله –
{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف: 21)
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد النبي الأمين
[1] رواه البخارى في صحيحه
[2] متفق عليه
أخوكم: ابو اسحاق الاطرشي