[الوسائل الدعوية بين التوقيف والاجتهاد.بقلم الشيخ أبو يزيد سليم بن صفية الجزائري]
ـ[سمير زمال]ــــــــ[05 - 06 - 10, 07:19 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:.
فأقول وبالله التوفيق:
إنّ العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة على قولين:
· القول الأوّل: أنّ وسائل الدعوة توقيفية.
وهو مذهب السلف الذي عليه جمهور العلماء المحققين قديماً وحديثاً, كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم, ومن بعدهم سماحة العلامة ابن باز, ومحدث الشام ناصر الدين الألباني رحمهم الله جميعاً.
وقبل عرض أدلة هذا القول, لا بد من بيان المقصود بتوقيف وسائل الدعوة:
- المقصود بتوقيف وسائل الدعوة:
إنّ أي وسيلة دعوية لم يستخدمها النبي ز ولا صحابته ي في دعوتهم ووعظهم -مع وجود مقتضاها, وانتفاء موانعها- لا يجوز استخدامها.
ولا تعارض بين القول بتوقيف وسائل الدعوة وبين استخدام الآلات الحديثة لأنها تعدّ قوالب تنقل فيها الوسائل الدعوية المشروعة, وليست وسائل في حدّ ذاتها ([1] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn1)).
- أدلة القول بتوقيف الوسائل الدعوية:
1 - أن الله سبحانه وتعالى أكمل الدين وأتم نعمته على عباده, كما قال في كتابه: ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً? ([2] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn2)).
ولا شكّ أنّ من كمال الدين وتمامه كمال وسائل تبليغه وتمامها ([3] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn3)).
وعلى هذا فإنا نقطع بأن النبي ز بيّن لأمته وسائل الدعوة سواء بالقول, أو بالفعل, أو بهما إذ كيف يبين ز آداب قضاء الحاجة ونحو ذلك, ويدع وسائل الدعوة التي لا قيام للإسلام إلا بها؟.
وبما أنه عليه الصلاة والسلام قد بيّن ذلك, فإن بيانه ز هو الطريقة الشرعية التي يرشد بها الغاوي ويهدى بها التائه.
2 - أنّ في الوسائل الشرعية غنية وكفاية عن الوسائل البدعية, إذ ما من طريق فيه مصلحة للدعوة إلا وقد سلكه الرسول ز, وشرعه لأمته.
وهذا الأمر -وهو شمولية الوسائل الشرعية- في غاية الظهور والوضوح, لمن تأمل النصوص الشرعية, ونظر في السير السلفية.
فلكم أسلم بسببها من كافر، وتاب بها من فاسقٍ, واهتدى بها من ضال, واسترشد بها من غاوٍ, وإنما يهزل المسلمون, ويضعفون إذا كانت الوسائل البدعية هي السائدة بينهم, لأن هذه الوسائل لا تخرج إلا منحرف المعتقد, ضعيف الإيمان, متلطخاً بأوضار البدع.
وهذه الوسائل البدعية إنما يصار إليها عند ضعف التمسك بآثار النبوة, فإنه "كلما ضعف تمسك الأمم بعود أنبيائهم, ونقص إيمانهم عوضوا عن ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك" ([4] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn4)), وإذا تعلقت القلوب بهذه البدع فإنها تحجب عن السنن بحيث لا ترى فيها ما تراه في تلك المحدثات, ومن ثم تزهد فيها, وترغب عنها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته, قلَّت رغبته في المشروع .....
ولهذا عظمت الشريعة النكير على من أحدث البدع, وكرهتها, لأن البدع لو خرج الرجل منها كفافاً لا عليه ولا له لكان الأمر خفيفاً, بل لابد أن يوجب له فساد منه نقص منفعة الشريعة في حقه, إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه ... " ([5] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn5)).
القول الثاني: أنّ وسائل الدعوة اجتهادية ([6] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn6)).
وهو قول أكثر الجماعات الإسلامية المعاصرة.
· ومن جملة ما استدلّ به أصحاب هذا القول:
1 - أنّ هذه الوسائل المستحدثة ثبت نفعها, واهتداء كثير من الناس بواسطتها.
- والجواب على هذه الشبهة من وجوه كثيرة, منها:
أ- أنّ الانتفاع بالوسائل المحدثة لا يبرر شرعيتها لأننا مقيدون بالكتاب والسنة لا بالهوى والوجد.
فكل وسيلة بدعية -تمثيلاً كانت أو نشيداً أو غير ذلك- وإن حركت القلوب وشوقت النفوس, وذكّرت بعض الغافلين, وأرشدت بعض التائهين .. فلا خير فيها, إذ لو كانت خير لاهتدى لها السابقون الأولون, ولشرعها المصطفى ز ([7] ( http://www.tbessa.net/post.forum?mode=newtopic&f=3#_ftn7))
¥