تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شرح ابن جبرين القواعد الاربع]

ـ[أبو العباس الشمري]ــــــــ[13 - 06 - 10, 04:27 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركا أينما كنت، وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هذه الثلاث عنوان السعادة.

اعلم -أرشدك الله لطاعته- أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته؛ فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة.

فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل، وصار صاحبه من الخالدين في النار؛ عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك؛ لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة، وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذه القواعد تتعلق بتقرير التوحيد، والرد على القبوريين الذين يعبدون الأموات، ويدعون أن عبادتهم ليست شركا، ولا يسمونها عبادة، وإنما يسمونها توسلا واستشفاعا وتبركا وتقربا واحتراما، ولكنها في الحقيقة عبادة؛ حيث إنهم يدعون الأموات، يهتفون بأسمائهم، يأتون إلى القبور يبنون عليها، يعتكفون عندها، يتبركون بترابها، ينادون الميت: يا ولي الله أنقذنا، انصرنا، ارزقنا، اعطنا. يقفون عنده ذليلين خاشعين متواضعين؛ وهذا هو حقيقة العبادة؛ فأصبحوا بذلك مشركين.
فهو يبين بهذه العقيدة وبهذه القواعد أنهم مشركون، وأن فعلهم هذا شرك، ويبين أهمية التوحيد، والحرص على معرفته وتحقيقه، والبعد عن الشرك حتى يصح العمل.
بدأ هذه القواعد بهذه المقدمة، يقول: أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة. دعوة طيبة من عالم مشهور، عالم مخلص للأمة دعا إلى التوحيد، ونفع الله تعالى بدعوته، ترجى إجابة هذا الدعاء لمن تابعه ولمن عمل به، توسل إلى الله بأنه هو الكريم الذي يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وبأنه رب العرش العظيم؛ أي أن من عظمته ومن جلاله وكبريائه أنه خالق كل شيء، وأنه رب كل شيء، ومن ذلك أنه رب العرش. والعرش هو المخلوق الذي خصه الله تعالى بالاستواء عليه، وجعله سقف المخلوقات، لا -يحصيه- لا يعلم قدره إلا الله.
توسل هاهنا بقوله: أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة. هكذا الدعوة الصالحة: أن يجعلك من أوليائه الذين: فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وأن يحفظك وأن يوفقك وييسر لك الأمور، وأن تكون من أوليائه في الآخرة، الذين يسعدهم ويثيبهم الثواب العظيم.
الدعوة الثانية: أن يجعلك مباركا أينما كنت كما جعل بعض أنبيائه، قال الله تعالى عن عيسى إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ إلى قوله: وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ فكذلك إذا جعلك الله مباركا حصلت في أعمالك البركة، وفي علومك البركة، وفي دعوتك وفي تعليمك تحصل فيها البركة، التي هي كثرة الخير.
الدعوة الثالثة: أن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر. دعوة طيبة أيضا. الإنسان يعترف بأن ما به من نعمة فمن الله، فإذا أعطاك الله تعالى الصحة فهي نعمة عليك أن تشكر، وإذا أعطاك الأولاد فعليك أن تشكر، وإذا أصلح عملك فعليك أن تشكر، وإذا أغناك من فضله فعليك أن تشكر، وإذا شكرت فأبشر بأن الله يزيدك: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ؛ وذلك لأن العبد لا ينفك في وقت من الأوقات عن الشكر؛ لأنه دائما في نعم: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير