تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - 396) رَابِعًا- أَنَّ مَنِ اسْتَدَلَ بِالْحَدِيثِ وَوَجَّهَ قَوْلَ النَّاظِمِ: (ذِي الْكَمَالِ) بِالْكَمَالِ النِّسْبِيِّ قد أَثْبَتَ لِلْمِيهِيِّ - بِدُونِ قَصْدٍ - كَمَالًا بَاطِنًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ وَصْفَ الْكَمَالِ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ... » عَامٌّ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَإِذَا رَجَعْنَا لِعِبَارَةِ الْجُمْزُورِيِّ السَّابِقَةِ نَجِدُهُ قَدْ نَسَبَ الْكَمَالَ لِشَيْخِهِ بَاطِنًا، وَلَا سَبِيلَ لِمَعْرِفَةِ بَاطِنِ أَحَدٍ إِلَّا مَنْ أَطَلَعَنَا اللهُ عَلَى بَاطِنِهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى شَخْصٍ إِلَّا بِالظَّاهِرِ، فَرُبَّمَا يَكُونُ مَا فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ فَنَقُولُ لِمَنْ لِمَنِ اسْتَدَلَ بِالْحَدِيثِ: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ فُلَانًا مِنَ النَّاسِ كَمُلَ فِي الْبَاطِنِ حَتَّى تَنْسِبَهُ لِلْكَمَالِ النِّسْبِيِّ؟ فَضْلًا، وَأَنَّ نِسْبَتَهِ لِكَمَالِ الظَّاهِرِ مَحِلُّ نَظَرٍ. خَامِسًا - لَمْ يَرِدْ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَلَا التَّابِعِينَ مَدْحٌ بِلَفْظِ: الْكَمَالِ الْبَتَّةَ. فَكَانَ مَدْحُ النَّاظِمِ لِشَيْخِهِ فِيهِ مُبَالَغَةٌ وَغُلُوٌ سَوَاءٌ أَقَصَدَ الْكَمَالَ الْمُطْلَقَ أَمْ قَصَدَ الْكَمَالَ النِّسْبِيَّ، وَحَتَّى وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُمَا فَعِبَارَتُهُ بَعِيدَةٌ كُلَّ الْبُعْدِ عَنْ هَدْيِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَحَابَتِهِ الْكِرَامِ رضي الله عنهم فِي الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ، وَأَكْتَفِي بِذِكْرِ حَدِيثَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَثَرَيْنِ عَنْ صَحَابَتِهِ الْأَبْرَارِ رضي الله عنهم لِيَتَّضِحَ الْمُرَادُ: قَالَ رَسُولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالتَّمَادُحَ فَإِنَّهُ الذَّبْحُ» (أَخْرَجَهُ أَحْمَّدُ وَابْنُ مَاجِه، وَحَسَّنَهُ الْبُوصِيرِيُّ فِي الزَّوَائِدِ وَالْأَلْبَانِيُّ).وَرَوَى هَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ عَنِ الْمِقْدَادِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً جَعَل يَمْدَحُ عُثْمَانَ رضي الله عنه فَعَمَدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَجَعَل يَحْثُو فِي وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ، فَقَال لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه: مَا شَأْنُكَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ». «مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ» رقم: (26261)، وَحَدِيثُ: «إِذَا رَأَيْتُمْ الْمَدَّاحِينَ ... » أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ: (4 - 2297). وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «عَقَرْتَ الرَّجُلَ عَقَرَكَ اللهُ، تُثْنِي عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ فِي دِينِهِ؟!» «مُصَنَّفُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ» رقم: (26262)، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).وَالعُلَمَاءُ - رَحِمَهُمُ اللهُ - لَمَّا جَوَّزَا الْمَدْحَ فِي الْوَجْهِ لَمْ يَطْلِقُوهُ بَلْ قَيَّدُوهُ بِشُرُوطٍ مِنْهَا عَدَمُ الْمُجَازَفَةِ، وَالْإِفْرَاطِ فِي الْمَدْحِ كَالْمُبَالَغَةِ بِالزِّيَادِةِ فِي الْأَوْصَافِ، - وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ الْمَعْصُومِ ? فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى قَيْدٍ كَالْأَلْفَاظِ الَّتِي وَصَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَا بَعْضَ الصَّحَابَةِ، مِثْلَ قَوْلِهِ لِابْنِ عُمَرَ: «نِعْمَ الْعَبْدُ عَبْدُ اللهِ» وَغَيْر ذَلِكَ – وَإِذَا نَظَرْنَا لِعَبَارَةِ الْجُمْزُرِيِّ لَوَجَدْنَاهُ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِمَا قَيَّدَهُ العُلَمَاءُ فِي جَوَازِ الْمَدْحِ خَاصَّةً وَأَنَّهُ انْتَهَى مِنْ نَظْمِهِ قَبْلَ وَفَاةِ شَيْخِهِ بِسَتَّةِ أَعْوَامٍ فَفِي الْغَالِبِ أَنَّ شَيْخَهُ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى هَذَا الْإِطْرَاءِ حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ؛ لِمَظِنَّةِ وُقُوعِهِ، وَمِنَ الْمُتَقَرَّرِ أَنَّ الْمَكْتُوبَ لَهُ حُكْمُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير