تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فَقَالَ: ”ائْتِ بِهَا“ فَدَعَوْتُهَا، فَجَاءَتْ،

فَقَالَ لَهَا: ”مَنْ رَبُّكِ؟ “ قَالَتْ: "اللَّهُ"

قَالَ: (مَنْ أَنَا؟) فَقَالَتْ: "أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ."

قَال: َ ”أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ“ [مسند الإمام أحمد] (13)

3. «أين الله؟»:

عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال:

وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟»

قَالَ: ”ائْتِنِي بِهَا“ فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: ”أَيْنَ اللَّهُ“، قَالَتْ: «فِي السَّمَاءِ.»

قَالَ: ”مَنْ أَنَا“ قَالَتْ: «أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ.»

قَالَ: ”أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ“ [صحيح مسلم]

فالأولى سؤال عن اعتقاد الجارية في وحدانية الله في العبادة.

والثانية سؤال عن ربها.

والثالث سؤال في صفة من صفات الله عز وجل، وهي علوه فوق خلقه.

فالله:

واحد لا رب سواه

واحد لا إله غيره

واحد لا مثل له

وما ذكرناه قد ذكره بعض السلف والعلماء في كلامهم في التوحيد، منهم:

قال البخاري (256 هـ) في صحيحه:

(بَاب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى)

فذكر فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ”يَا مُعَاذُ أَتَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ “ قَالَ: «اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ» قال: «أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا».ا. هـ وهذا توحيد الله في العبادة.

وذكر الحديث: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: َ”سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِك“َ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: «لِأَنَّهَاصِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا» فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”أخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ.“ وهذه في الربوبية والأسماء والصفات، كما هو بَيّن في معنى سورة الإخلاص، وكونه صفة الرحمن، الله عز وجل.

قال محمد بن نصر المروزي (294 هـ):

«الحمد لله الممتن على عباده المؤمنين بما دَلّهم عليه من معرفته، وشرح صدورهم للإيمان به، والإخلاص بالتوحيد لربوبيته، وخلع كل معبود سواه)

وقال في موضع آخر عند حديثه عن الإسلام والإيمان:

(إلا أن له أصلا وفرعًا فأصله الإقرار بالقلب عن المعرفة، وهو الخضوع لله بالعبودية، والخضوع له بالربوبية، وكذلك خضوع اللسان بالإقرار بالإلهية بالإخلاص له من القلب، واللسان، أنه واحد لا شريك له، ثم فروع هذين الخضوع له بأداء الفرائض كلها) (14)

قال ابن جرير الطبري (310 هـ): (يقول: فاعبدوا ربكم الذي هذه صفته، وأخلصوا له العبادة، وأفردوا له الألوهية والربوبية، بالذلة منكم له، دون أوثانكم وسائر ما تشركون معه في العبادة) (15)

وقال: (وأما قوله: {لا إله إلا هو}، فإنه خبرٌ منه تعالى ذكره أنه لا رب للعالمين غيرُه، ولا يستوجبُ على العبادِ العبادةَ سواه) (16)

قال أبو جعفر الطحاوي (321 هـ) في عقيدته المشهورة بالعقيدة الطحاوية:

(نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له،

ولا شيء مثله، [في الصفات]

ولا شيء يعجزه، [الربوبية]

ولا إله غيره.) [الألوهية وهي العبودية]

قال أبو منصور الأزهري (370 هـ):

("الواحد" في صفة الله تعالى له معنيان:

أحدهما: أنه واحد لا نظير له وليس كمثله شيء، والعرب يقول فلان واحد قومه، إذا لم يكن له نظير.

والمعنى الثاني: أنه إله واحد ورب واحد ليس له في ألوهيته وربوبيته شريك.) (17)

قال ابن بطة العكبري (387 هـ):

(وذلك أن أصل الايمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الايمان به ثلاثة أشياء:

أحدها: أن يعتقد العبد آنيته (18) ليكون بذلك مباينا لمذهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعا.

والثاني: أن يعتقد وحدانيته؛ ليكون مباينا بذلك مذاهب أهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره.

والثالث: أن يعتقده موصوفا بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفا بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه؛ إذ قد علمنا أن كثيرا ممن يقربه ويوحده بالقول المطلق قد يلحد في صفاته؛ فيكون إلحاده في صفاته قادحا في توحيده.

ولأنا نجد الله تعالى قد خاطب عباده بدعائهم إلى اعتقاد كل واحدة في هذه الثلاث والايمان بها.) (19)

قال أبو بكر الباقلاني (403 هـ):

(والتوحيد له هو: الإقرار بأنه ثابت موجود: وإله واحد فرد معبود ليس كمثله شيء.)

وقال في موضع آخر: (وكذلك قولنا أحد، وفرد وجود ذلك إنما نريد به أنه لا شبيه له ولا نظير، ونريد بذلك أن ليس معه من يستحق الإلهية سواه، وقد قال تعالى: {إنما اللّه إله واحد} ومعناه: لا إله إلا الله.) (20)

قال علي القاري (1014 هـ):

(أقول: فابتدأ كلامه سبحانه وتعالى في الفاتحة بالحمد لله رب العالمين، يشير إلى تقدير توحيد الربوبية المترتب عليه توحيد الألوهية المقتضي من الخلق تحقيق العبودية.) (21)

وغيرهم، اقتصرنا على من ذكرناهم اختصارًا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير