(فإذا انبرى رجل مثل هذا الرجل –أي الصفار- من أعلام التصحيح، ومثلكم من طلائع التصحيح وقادته وأعلامه، وقرروا ما هو معلوم أن القران خال وسليم من الزيادة والنقص والتحريف، ولا صحة للمرويات التي تسب الصحابة وتلعن وتقدح وتشتم، ولا صحة للمرويات التي لا نجد وراءها إلا ما يفسد ويشتت ويفرق ويحزّب ويعصب، إذن ما الذي يمنع هذه الوجوه النيرة المسفرة والمباركة أن تنقذ الأمة بمثل هذا البيان، فأظن أن ليس بينا وبين أن نقفز قفزة ماراثونية إلا أن نسمع بياناً صريحاً واضحاً وجليّاً يجيب على كثير من المسائل التي سمعها البعض في قناة الكوثر، أو قناة الأنوار، أو في القناة الفلانية)
حسناً .. كيف تعامل الصفار مع هذه الدعوة؟ بماذا أجاب الصفار على ذلك؟ التقط الصفار دفة الحديث بعد انتهاء الدكتور البريك وعقب عليه بالقول:
(ما أشار إليه فضيلة الشيخ سعد من إصدار بيان يبين مواقف الشيعة، سبق أن صدرت عشرات البيانات، أحد كبار علماء الشيعة الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء قبل ستين عاما، كتب بيانا تحت عنوان «اصل الشيعة وأصولها» ونشر وهو كتيب مختصر، وكاشف الغطاء مرجع فقهي يتزعم الحوزة العلمية في النجف الأشرف، نشر هذا الكتاب، وطبع عدة مرات) [الكلمة مفرغة في موقع الصفار].
الأستاذ الصفار هاهنا حاول إثبات مصداقيته في البراءة مما يتهم به بالشيعة من الطوام بالإحالة إلى كتاب آل كاشف الغطاء وهو (أصل الشيعة وأصولها)، واندفع بمثل هذه التزكية المكثفة لهذا الكتاب، وأن مايطالب به أهل السنة من احترام الصحابة موجود مقرر منذ ستين عاماً (والصحيح أنه قبل ثمانين عاماً) في كتاب آل كاشف الغطاء.
الحقيقة أنني سبق أن تعاملت مع هذا الكتاب لآل كاشف الغطاء ولكن بشكل سطحي قبل أكثر من عشر سنوات، فهو كتاب مشهور وضعه مؤلفه بهدف التقارب المذهبي مع أهل السنة كما يقول مؤلفه في مقدمته (كنا نأمل بنشر ذلك الكتاب الوجيز تقارب الفريقين) [ص54]، لكنني لم أكن أدرك حينها ما هو وزنه في الداخل الشيعي، ولكن حين رأيت هذا التثمين والافتخار الصفاري بهذا الكتاب قلت في نفسي فلأرجع لهذا الكتاب لأرى مدى جدية ونزاهة الصفار في كلامه.
وحين رجعت لهذا الكتاب الذي مجّده الصفار ورأى أنه خير مايعبر عن الاعتدال الشيعي والتسامح الإمامي الإثني عشري، وعن ضخامة مرجعية مؤلفه، شعرت بخيبة أمل كبيرة.
تجرأ آل كاشف الغطاء بوقاحة منقطعة النظير في القدح في عرض الصحابة الأجلاء أبي هريرة وسمرة بن جندب وعمروبن العاص، حيث يقول:
(وأما ما يرويه مثل أبي هريرة، وسمرة بن جندب، ومروان بن الحكم، وعمران بن حطان الخارجي، وعمرو بن العاص، ونظائرهم؛ فليس لهم عند الإمامية من الاعتبار مقدار بعوضة، وأمرهم أشهر من أن يذكر) [أصل الشيعة وأصولها، آل كاشف الغطاء دار الأضواء، ص165]
بل وفي هذا الكتاب -الذي يفاخر به الصفار- نجد مؤلفه يتبنى تكفير الصحابي الجليل أبي سفيان -رضي الله عنه- كما يقول (أبوسفيان أظهر الاسلام كرهاً، ومازال يعلن بكفره وعدائه للاسلام) [أصل الشيعة وأصولها، آل كاشف الغطاء، ص82]
ولما طبع الكتاب في طبعاته الأولى وصل إلى المؤلف "كاشف الغطاء" نقداً بخصوص تكفيره لأبي سفيان، فماذا صنع؟ طبع الكتاب طبعة جديدة وأصر في المقدمة على موقفه التكفيري لأبي سفيان رضي الله عنه! كما يقول في الجواب عن الاعتراضات التي أتته:
(أما صفحة 21 فليس فيها سوى التعرض لأبي سفيان، ولا أحسب أن له من الشأن عند المسلمين مايوجب استياءهم في الكشف عن مقدار إسلامه وقيمة إيمانه) [أصل الشيعة وأصولها، آل كاشف الغطاء، 30]
وأما الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- فقد أوسعه المؤلف شتماً مقذعاً، حيث وصفه بالنفاق والرذيلة! كما يقول:
(لو سكتوا وعملوا بالتقية لضاعت البقية من الحق وأصبح دين الإسلام دين معاوية ويزيد وزياد وابن زياد، دين المكر، دين الغدر، دين النفاق، دين الخداع، دين كل رذيلة) [أصل الشيعة وأصولها، آل كاشف الغطاء، 267]
وشتم معاوية بالخيانة كما يقول (وقضية إعطائه –أي معاوية- مصر لابن العاص على الغدر والخيانة مشهورة) [أصل الشيعة، آل كاشف الغطاء، 124].
وشتمه بأنه يتلاعب بالشريعة كما يقول: (صار معاوية يتلاعب بالشريعة الإسلامية حسب أهوائه) [أصل الشيعة، آل كاشف الغطاء، 266]
¥