تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل وفي سبيل دفاعه المستميت عن "نكاح المتعة" أطلق عبارات جارحة في حق أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فوصفه بالتنمر والتهيج، لا لشئ إلا لأن عمر –رضي الله عنه- كان قوياً في النهي عن المتعة! يقول المؤلف:

(ولكن أبا حفص كان معلوماً حاله في الشدة، والتنمر، والغلظة، والخشونة، في عامة أموره، فربما يكون قد استنكر شيئاً في واقعة خاصة أوجب تأثره وتهيجه الشديد الذي بعثه على المنع المطلق خوف وقوع أمثاله اجتهاداً منه ورأياً تمكن في ذهنه، وإلا فأمر المتعة وحليتها بعد نص القرآن) [أصل الشيعة وأصولها، آل كاشف الغطاء، 205].

ومن سفاهات المؤلف على أصحاب رسول الله اتهامه لزواج أسماء بنت أبي بكر من الزبير بأنه زواج متعة! (أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق اخت عائشة أم المؤمنين وزوجها الزبير من حواري رسول الله وقد تزوجها بالمتعة، فما تقول بعد هذا أيها المكابر المجادل؟) [أصل الشيعة وأصولها، ص206].

ولو تأمل المؤلف قليلاً لعلم طرافة هذه الدعوى، فإن أسماء تزوجت الزبير قبل الهجرة ولذلك كان عبدالله بن الزبير أول مولود في الاسلام المدينة، والمتعة شرعت ونسخت بعد ذلك، ثم إن الزبير وأسماء لم يفترقا، والمتعة نكاح مؤقت!

لكن هل تعرف مصدر المؤلف لإثبات هذه الدعوى؟ إنه ينقل هذه القصة عن كتاب أدبي اسمه (محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء) للأصفهاني، ثم يختم بعبارة انتصارية متحدية (فما تقول بعد هذا أيها المكابر المجادل؟) ..

كم أشفقت عليه، وأخذت أقول في نفسي كل هذه الفرحة في إثبات قضية شرعية عبر كتاب أدبي! فكيف لو وجد دليلاً شرعياً صحيحاً على ذلك؟! ألا ما أهش بناء القوم!.

على أية حال .. هذا طرف من شتائم هذا الكتاب -الذي يفاخر به الصفار- في حق أصحاب رسول الله، أما مصادر التلقي فهو يصرح بإنكار السنة النبوية التي لدى عامة المسلمين فيقول (الإمامية لايعتبرون من السنة، أي الأحاديث النبوية، إلا ماصح لهم من طرق أهل البيت) [أصل الشيعة وأصولها، آل كاشف الغطاء، 165]

وهذا ليس خلافاً فرعياً، بل هذا خلاف أشد من الخلاف في الصحابة، إنه خلاف في أحد قسمي الوحي، فهو مفارقة في مصدر كامل من مصادر المعرفة الشرعية، ومصادر المعرفة إذا اختلفت أنتجت أدياناً مختلفة، فسائر ماثبت من العقيدة والشعائر والتشريعات من حديث أبي بكر وعمر وعثمان وأبي هريرة وسمرة بن جندب وعمرو بن العاص ونحوهم لن تقبله الشيعة لأنه لم يأت من طرق أهل البيت!

وهذا لايختلف عن شخص لاديني يقول لنا: أنا أخالفكم في حجية القرآن، لكن أوافقكم في كثير من مضامينه من العدل والرحمة والبر والعمارة والحقوق والأخلاق الخ.

فهؤلاء ينكرون السنة النبوية التي لدى عامة المسلمين ويوافقون في بعض نتائجها عبر مصادر أخرى لديهم!

ولما كنت أقرأ الكتاب لفت انتباهي قضية لايكاد يخلو منها كتاب شيعي، وهي بذور القبورية في الفكر الشيعي، وولعهم بالمشاهد والأضرحة، فتجد المؤلف يتحدث عن الصلاة عند مراقد الأئمة (ص141) ويتحدث في موضع آخر بقوله (فهل يلام الشيعة على تقديس منازل أئمتهم وبيوتهم التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه؟) [أصل الشيعة وأصولها، 54].

وثمة أمور أخرى في الكتاب لن نطيل بها: كتشويه علماء أهل السنة واتهامهم بالافتراء كابن حجر وابن خلدون (ص52)، وادعاء أن أهل السنة يتلاعبون بالدين بسبب خلافهم في تعيين سنة نسخ نكاح المتعة (ص201)، وتبجيل العبيديين الذين كفرهم كثير من أهل السنة (ص53) في مقابل كيل الشتائم للخلفاء الأمويين والعباسيين (ص 54)، الخ.

هذا هو الكتاب الذي يفاخر به الصفار، وهذا هو الكتاب الذي يقول الصفار للبريك بأنه يغني عن البيانات ..

بل كل هذه الطوام في كتاب ألفه مؤلفه أصلاً بغرض التقريب بين أهل السنة والشيعة كما يقول مؤلفه في مقدمته (هذا البصيص من الأمل هو الذي دعانا الى الإذن في إعادة طبع هذه الرسالة ثانياً ومايضاهيها من إرشاداتنا في الحث على قيام كل مسلم بهذه الفريضة اللازمة ألا وهي إعادة صميم الإخاء والوحدة بين عموم فرق المسلمين) [أصل الشيعة، ص46].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير