ذلك أن كتب الشيعة المعاصرين على قسمين: كتب (الإعلام المذهبي) وكتب (التقرير الديني)، فكتب الإعلام المذهبي هي الكتب التي وضعت بهدف الدعاية للمذهب الشيعي في أوساط أهل السنة في العالم، وكتب التقرير الديني هي الكتب المعتمدة في التعليم والتربية الدينية.
فإذا كانت كل هذه البوائق في كتاب وضع للتقريب والدعاية للتشيع، فكيف لو كان الكتاب من المضنون به على غير أهله؟!
لكن هاهنا سؤال موضوعي لن نستطيع تجاوزه؟ وهو أنه قد يقول قائل: لعل الصفار لم يتنبه لهذه الأمور في هذا الكتاب؟ أو قد يقول قائل: لعل الصفار يوافق على جميع مافي الكتاب إلا هذه المواضع التي تسب الصحابة وتنكر المصدر الثاني في التشريع وهو السنة النبوية التي لدى عامة المسلمين؟
الحقيقة أن هذا السؤال برغم أنه يبدو في ظاهره موضوعياً إلا لأنه لايقوله إلا شخص لم يطلع على مؤلفات الصفار، فالصفار في مقابلاته ومقالاته الصحفية وكلماته في المحافل السنية ورسائله الصغيره يبدو متماهياً مع الرؤية السنية حول الصحابة ومتبرئاً من طوام الشيعة، ولكنه في كتبه الموسعة الموجهة للشيعة يبدو كائناً آخر.
سأعرض فقط بعض النماذج:
تهجم الصفار على صاحب رسول الله أبي بكر الصديق واتهمه بأنه انقلب على علي -رضي الله عنهما- كما يقول الصفار: (ما حصل من بيعة أبي بكر كان أشبه بالانقلاب على علي) [المرأة العظيمة، حسن الصفار، دار الانتشار العربي، الطبعة الأولى، 2000م، ص64]
بل واعتبر الصفار أن ماصنعه أبابكر –رضي الله عنه- كان اغتصاباً للسلطة! [ص62].
بل واتهم الصفار –عامله الله بما يستحق- ثلاثة من أجلة أصحاب النبي بالكذب على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وهم أبوهريرة والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص، حيث ينقل الصفار مرويات ليثبت بها أن: (معاوية وضع قوماً من الصّحابة، وقوماً من التّابعين، على رواية أخبار قبيحة في علي -عليه السلام- تقتضي الطّعن فيه، والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جُعلاً يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم: أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة) [المرأة العظيمة، حسن الصفار، دار الانتشار العربي، الطبعة الأولى، 2000م، ص175]
ويجعل الصفار مثل هذه المرويات مستندا له في اتهامه معاوية بالكذب على رسول الله!
وممن شتمهم الصفار من الصحابة –أيضاً- الصحابي الجليل سمرة بن جندب –رضي الله عنه- حيث اتهمه بالإرهاب! كما يقول الصفار (كما سلّط معاوية على الأمّة ولاةً جفاة قساة، نشروا الرّعب والبطش، وحكموا النّاس بالإرهاب والقمع، مثل سمرة بن جندب) [المرأة العظيمة، الصفار، 135].
وممن شتمهم الصفار -أيضاً- من أصحاب رسول الله الصحابي الجليل بسر بن أرطاة –رضي الله عنه- حيث يقول الصفار (ومن ولاة معاوية الظّالمين: بسر بن أرطاة، والذي وجّهه إلى اليمن، ففعل فيها الأفاعيل المنكرة، التي لم يشهد التّاريخ نظيراً لها في فظاعتها وقسوتها) [المرأة العظيمة، الصفار، 135].
أما الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان –رضي الله عنهما- فلم يدع الصفار فيه موضع شبر إلا وطعنه ولمزه بأقصى ماجادت به سخيمته والله حسيبه يوم القيامة، حتى أنه اتهم معاوية بأنه يقود مشروع "الردة" ولاحول ولاقوة إلا بالله، كما يقول الصفار:
(واستكمالاً لمشروع الردّة إلى الجاهلية، ختم معاوية بن أبي سفيان حياته باستخلاف ولده يزيد على الأمّة) [المرأة العظيمة، الصفار، 135].
بل واتهم الصفار معاوية –رضي الله عنه- بالخلاعة والمجون كما يقول:
(إضافة إلى إظهار الفساد والمخالفة للدين، كتعطيل الحدود، وممارسة الخلاعة والمجون، واستلحاق معاوية لزياد بن أبيه، والجرأة الصّريحة على مخالفة الأحكام الشّرعية من قبل معاوية، حتى في العبادات) [المرأة العظيمة، الصفار، 134]
بل وصل الأمر إلى أن يتهم الصفار –عامله الله بما يستحق- معاوية رضي الله عنه بالكذب على رسول الله واختلاق الأحاديث الموضوعة، كما يقول الصفار:
(شجّع –أي معاوية- طبقة من الوضّاعين، وصنّاع الأحاديث الملفّقة الكاذبة، في مدح معاوية وبني أمية وسلطتهم، وذمّ الإمام علي وأهل البيت، وبذل لهم الأموال على ذلك) [المرأة العظيمة، ص 175]
وهذا الاتهام لمعاوية بالكذب في الحديث النبوي كرره الصفار في كتابه الآخر (مسؤولية المرأة، ص30).
¥