فلاحظ في هذه الآثار كيف نبه السلف على خطورة التسلسل إذا فتح باب شتم معاوية، وهذا أمر مشاهد فلايكاد يعرف رجل بدأ بعيب معاوية وتوقف عنده، بل يرقق هذا مابعده، فيدخل في الجرح والتعديل في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن الأمور اللافتة أن الشيعة يحاولون تصوير النزاع معهم على أنه مشكلة "الوهابية" فقط، وأن بقية المسلمين يحترمون أفكارهم، وهذا كذب صريح، وسأعرض نماذج من الفكر العربي المعاصر الذي لاصلة له بالوهابية ولا بالسلفية من قريب ولامن بعيد.
فهذا أحد رؤوس مايسمى بالفكر العقلاني المعاصر، وهو أحمد أمين، يقول عنهم في كتابه المشهور "فجر الإسلام":
(والحق أن التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومن كان يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزرادشتية وهندية، ومن كان يريد استقلال بلاده والخروج على مملكته؛ كل هؤلاء كانوا يتخذون حب أهل البيت ستاراً) [فجر الإسلام، أحمد أمين، دار الكتاب العربي، ص276]
لاحظ كيف جعل "التشيع مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام" وهذا الكلام لاتقوله الدرر السنية ولا فتاوى اللجنة الدائمة، وإنما أشهر مؤرخ عقلاني للفكر العربي!
وهكذا المفكر المغربي المعروف محمد عابد الجابري يقول مشيراً للمصدر الأجنبي للتشيع: (يكفي أن يتصفح المرء مايروى عن الإمام جعفر من أحاديث وما ينسب إليه من أقوال حتى يرى الطابع الهرمسي فيها واضحا وضوحه في الأدبيات العقائدية الشيعية اللاحقة) [بنية العقل العربي، الجابري، 327].
وهي نفسها فكرة هنري كوربان في كتابه عن تاريخ الفلسفة.
وللفيلسوف التونسي المعروف ابويعرب المرزوقي فكرة طريفة جداً في هذا السياق، حيث يرى أنك لو أتيت بأقرب الشيعة للسنة، وأقرب السنة للشيعة، لكانو دينين مختلفين من شدة الافتراق بينهما! كما يقول ابويعرب:
(فالسنة، بجميع فرقها، تختلف اختلافاً جوهرياً عن الشيعة، بجميع فرقها، مهما تقارب المعتدلون من الفريقين؛ وذلك لما سنرى من مبادئ جوهرية متقابلة تجعلهما دينين مختلفين) [إصلاح العقل في الفلسفة العربية، مركز دراسات الوحدة، ص16].
وابويعرب المرزوقي ليس شخصاً متهماً بمحاباة السلفية، وحتى قراءته لابن تيمية فهي تأويل فلسفي خاص لاصلة له بالقراءة السلفية لابن تيمية، بل ابن تيمية في سياقه أقرب إلى حقل دلالي يتغذى منه التأويل، وهو أقرب إلى تقاليد إعادة قراءة فلسفة فيلسوف معين الشائعة في هذا المجال، ومع ذلك يصل بالمفارقة بين السنة والشيعة إلى مستوى الدينين المختلفين!
وأقوال المفكرين العرب في خرافية الفكر الشيعي تعز على الحصر.
خلاصة القول .. أن مشروع ولائم الصفار ليس مشروعاً نزيهاً، وإني أحذر إخواني الفضلاء أن لايتحولوا إلى وكلاء للصفار من الداخل السني، فيبشروا بمشروعه الدعائي الخطير الذي يستهدف الترويج للشيعة دون تصحيح حقيقي وفعلي، وإن كان الصفار جاداً في طلب التقارب فليصرح بتوبته عما صدر منه في كتابه المرأة العظيمة، وكتابه مسؤولية المرأة، من اتهام الصحابي الجليل معاوية بالكذب على رسول الله، وبقية طوامه الأخرى التي تمت الإشارة إليها، فإن فعل ذلك فهو أخونا له مالنا وعليه ماعلينا، وإن أصر على عداوته لأصحاب رسول الله وتعظيمه للقبور، فلايلم أهل السنة في معاداته.
وأسأل الله بمنه وكرمه أن يحشرنا وإياكم في زمرة الذابين عن أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- اللهم آمين.
ابوعمر / إبراهيم السكران
رجب 1431هـ
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[21 - 06 - 10, 02:48 م]ـ
حفظ الله اباعمر ابراهيم وبارك الله فيه وفيك أخي يوسف
ـ[أبو البهاء]ــــــــ[21 - 06 - 10, 10:58 م]ـ
ياحسرتاه على غربة السنة حيث صار مقام الملوك فينا خير من مقام أصحاب رسول الله ..
فلكل من يقول: (وإنا نشهد لسماحة الشيخ حسن الصفار بالاعتدال) فإني أذكرهم قول الله تعالى (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) [الزخرف، 19].
الذي لاحظته أن مشروع (ولائم الصفار) في القطيف تحول إلى مصيدة يستغفل بها بعض أهل السنة فيستضيفهم على موائد فاخرة لا للدعوة والجدال بالحسنى لبيان الحق وإبطال الباطل، وإنما لاستتابتهم مما يسميه الأخطاء التاريخية، فيحرص الصفار على إظهار الشخصية السنية المستضافة في مظهر المعتذر عن أخطاء اقترفها أهل السنة في حق الشيعة المظلومين ..
ويحرص الصفار على أن يظهر الشخصيات السنية في صورة التحول والتراجع عن منهج سابق إلى منهج جديد .. وأن يستصدر منهم أي كلمة في إدانة التاريخ السني .. ولذلك تسمع العبارات التي تتحدث عن علاقة جديدة، وعهد جديد، وتحول تاريخي، الخ وهذه كلها تحتوي إدانة ضمنية لعلماء ودعاة أهل السنة والجماعة خلال العصور السابقة بأنهم ظلموا الشيعة وتجنو عليهم ..
ولفت انتباهي أن الصفار يحرص أشد الحرص على التغطية المصورة لهذه الاستضافات، وخصوصاً لحظات التبسم وتماسك الأيدي والقراءة سوياً في أحد كتب الصفار .. ثم بث هذه الصور وأرشفتها في موقعه الشخصي، لتأثيرها الشديد في خلخلة الثوابت العقدية في نفوس المتلقين من أهل السنة .. فالصورة تفعل في النفوس ما لاتفعله الأقوال والبيانات ..
بارك الله في الجميع
¥