تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[منزلة الولاية في ميزان الشريعة]

ـ[أبو يحيى المكناسي]ــــــــ[25 - 06 - 10, 06:05 ص]ـ

[منزلة الولاية في ميزان الشريعة]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق خلقه أطوارا وصرفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزة واقتدارا وأرسل الرسل إلى المكلفين إعذارا منه وإنذارا فأتم بهم على من أتبع سبيلهم نعمته السابغة وقام بهم على من خالف مناهجهم حجته البالغة فنصب الدليل وأنار السبيل وأزاح العلل وقطع المعاذير وأقام الحجة وأوضح المحجة وقال هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل وهؤلاء رسلي مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فعمهم بالدعوة على ألسنة رسله حجة منه وعدلا وخص بالهداية من شاء منهم نعمة وفضلا فقبل نعمة الهداية من سبقت له سابقة السعادة وتلقاها باليمين وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين وردها من غلبت عليه الشقاوة ولم يرفع بها رأسا بين العالمين فهذا فضله وعطاؤه وما كان عطاء ربك محظورا ولا فضله بمنون وهذا عدله وقضاؤه فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون

فسبحان من أفاض على عباده النعمة وكتب على نفسه الرحمة وأودع الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه وتبارك من له في كل شيء على ربوبيته ووحدانيته وعلمه وحكمته أعدل شاهد ولو لم يكن إلا أن فاضل بين عباده في مراتب الكمال حتى عدل الآلاف المؤلفة منهم بالرجل الواحد ذلك ليعلم عباده أنه أنزل التوفيق منازله ووضع الفضل مواضعه وأنه يختص برحمته من يشاء وهو العليم الحكيم وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم

أحمده والتوفيق للحمد من نعمه وأشكره والشكر كفيل بالمزيد من فضله وكرمه وقسمه وأستغفره وأتوب إليه من الذنوب التي توجب زوال نعمه وحلول نقمه

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كلمة قامت بها الأرض والسموات وفطر الله عليها جميع المخلوقات وعليها أسست الملة ونصبت القبلة ولأجلها جلدت سيوف الجهاد وبها أمر الله سبحانه جميع العباد فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ومفتاح العبودية التي دعا الأمم على ألسن رسله إليها وهي كلمة الإسلام ومفتاح دار السلام وأساس الفرض والسنة ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وحجته على عباده وأمينه على وحيه أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعالمين ومحجة للسالكين وحجة على المعاندين وحسرة على الكافرين أرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وأنعم به على أهل الأرض نعمة لا يستطيعون لها شكورا فأمده بملائكته المقربين وأيده بنصره وبالمؤمنين وأنزل عليه كتابه المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين فشرح له صدره ووضع عنه وزره ورفع له ذكره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وأقسم بحياته في كتابه المبين وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر ذكر معه كما في الخطب والتشهد والتأذين وافترض على عباده طاعته ومحبته والقيام بحقوقه وسد الطرق كلها إليه وإلى جنته فلم يفتح لأحد إلا من طريقه فهو الميزان الراجح الذي على أخلاقه وأقواله وأعماله توزن الأخلاق والأقوال والأعمال والفرقان المبين الذي باتباعه يميز أهل الهدى من أهل الضلال ولم يزل صلى الله عليه وعلى آله وسلم مشمرا في ذات الله تعالى لا يرده عنه راد صادعا بأمره لا يصده عنه صاد إلى أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد

فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد شتاتها

اللهم واجزه خير ما جزيت نبيا عن أمته. "أعلام الموقعين لإبن القيم"

أما بعد: كثيرا ما تمر بنا ومضات تجعلنا نقف أمامها في ذهول وحيرة تجدنا عاجزين عن فهمها والإحاطة بدقائقها وتفاصيلها مما يجعل الواحد منا تكتنفه الأيام والشهور وتجتره اللحظات والسنون دون أن يجد لهذه الحيرة بر أمان إما لفساد قصد، أو سوء فهم أو ضعف همة وقلة علم.

وكثيرا ما تستوقفني بعض المعتقدات والظواهر السلوكية المختلفة من بعض الطوائف الإسلامية مما يجعلني أغرق في لجج الحيرة وأمواج السؤال لكني سرعان ما أعود متأنيا لتصفح تلك المسائل من مصادرها الأصلية فينبلج نور فجرها وتشرق شمس حقيقتها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير