تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه المعالم الجليلة والمعاني الجميلة جعلت البعض يضل في دروب التيه ويخطو خبط عشواء بعيدا عن قانون العلم وقواعده يضرب صفحا صحيح نصوص الشريعة مما نتج عنه افراط في فهم منزلة الولاية وتنزيلها على غير محملها الصحيح ليس فوقها شيء زعمو مما فتح المجال أمام الغلاة المتعالمين البوح بأن الولي أفضل من النبي فأمسى كل من هب ودب يدعي الولاية، ولهذا تجدهم يقولون مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي والولي على أصلهم الفاسد يأخذ عن الله بلا واسطة لأنه يأخذ عن عقله وهذا عندهم هو الأخذ عن الله بلا واسطة إذ ليس عندهم ملائكة منفصلة تنزل بالوحي والرب عندهم ليس هو موجودا مباينا للمخلوقات بل هو وجود مطلق أو مشروط بنفي الأمور الثبوتية عن الله أو نفي الأمور الثبوتية والسلبية وقد يقولون هو وجود المخلوقات أو حال فيها، فهذا عندهم غاية كل رسول ونبي والنبوة عندهم الأخذ عن القوة المتخيلة التي صورت المعاني العقلية في المثل الخيالية ويسمونها القوة القدسية فلهذا جعلوا الولاية فوق النبوة.

فخلصوا أن الوحي لا ينقطع عن أوليائهم، فيقولون إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنزلت عليه شريعة، فهو نبي مشرع، وأما الأولياء فيأتيهم الوحي لأنفسهم فقط، فليس لديهم شرائع يدعون النَّاس إليها ويبلغونها للناس، والواقع أن هذا القول زور وبهتان عظيم؛ لأن أولياءهم يشرعون عبادات من أذكار، وصلوات ما أنزل الله بها من سلطان. " انظر هذه العقائد الفاسدة في: "فصوص الحكم"، "الفتوحات المكية" لإبن عربي".

ولا شك أن هذا إلحاد وكفر صريح وزندقة في جبة التصوف والتنسك ودعوى التحقيق والتأله، مما نتج عنه تعظيم الأشياخ حتى قال بعضهم: (ارتفاع درجة بعض الأولياء فوق الأنبياء) "نوادر الأصول للحكيم الترمذي"، "وأن للأولياء خاتماً، كما أن للأنبياء خاتماً" فهذا غلط فاحش ووهم صريح لا يؤيده نقل ولا يقبله عقل ولا ترضاه الفطر السليمة. ولعمري هذا هو السفه بعينه فالولاية أجل وأسمى مما توهموه فأي فهم هذا وأي رأي ممن لا يلتفت إليه فطفح جملة واحدة، ولن تجد له من أهل الرسوخ تبيعا، وليعلم أنه محجوج ممجوج بهذه المساوقة التي ركب لها غارب عشواء، وفتح عينيه لها في ليلة ظلماء، فكن من هذه المذاهب على تقية فإنها ليست بنقية.

وقد رد علماء الإسلام هذا الخبال قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبيناً مراتب الأنبياء والرسل (ومن كان رسولا فقد اجتمعت فيه ثلاثة أصناف، الرسالة، والنبوة، والولاية. ومن كان نبيا فقد اجتمع فيه الصفتان، ومن كان وليا فقط لم يكن فيه إلا صفة واحدة) "العقيدة الأصفهانية".

فماذا بعد النبوة من مرتبة، فالقرآن والكتب السماوية قاطبة من أولها إلى آخرها تعتبر النبوة أعلى المراتب، ولكن الصوفية يعتبرون الولاية أفضل من ذلك كما صرح بذلك أئمتهم.

أما المشهور من أصول إعتقاد أهل السنة أنه لا أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم من الذنوب والخطايا كما أنه ليس من شروط ولي الله أن يكون معصوما لا يغلط ولا يخطئ؛ بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة، ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين. "الفرقان بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان" جامع الرسائل" مختصر الفتاوى المصرية".

ولا يشترط للولي العصمة فإنه من بني آدم. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)) "رواه الترمذي، والدارمي، وأحمد بسند حسن"

قال شيخنا فريد الأنصاري رحمه الله: (وليست الولاية من الأماني الصعبة ولا من المنازل المستحيلة! لا تفزعك ذنوبك وخطاياك مهما أسرفت على نفسك! ولا ترهبك إلى درجة القنوط!) "الدين هو الصلاة"

والمنصف العاقل يدرك يقينا أن باب الولاية مفتوحا لعامة الناس ليس حكرا على أحد من الناس كما تزعم الشيعة وبعض الطرق الصوفية ويؤيد ذلك حديث الرجل الذي أقسم للنبي صلى الله عليه وسلم ألا يزيد على الأركان الخمس شيئا ولا ينقص منها فقال في حقه الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم: ((أفلح أن صدق)) وفي رواية ((دخل الجنة أن صدق)) البخاري ومسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير