وليس للولي أن يدعي الولاية لنفسه أو يشهد لها بذلك، فإن هذا من التزكية المذمومة. فالولي أجل من ذلك بعيدا عن هذه الحظوظ الدنيوية لأن قلبه منشغل بمحبوبه لا تزال همته عاكفة تتوق للمعالي وتحقيق المطلوب، ترتقي في مدارج الأبرار لتقترب من المحبوب ولا تزال تلك المشاهد الجميلة تتكرر وتتزايد حتى تطمئن النفس وينصبغ بها القلب فيجد لمناجاته حلاوة ولحياته طلاوة أعلاها مغدق وأسفلها مثمر.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (فأطيب الحياة على الإطلاق حياة هذا العبد فإنه محب محبوب متقرب إلى ربه وربه قريب منه قد صار له حبيبه لفرط استيلائه على قلبه ولهجه بذكره وعكوف همته على مرضاته بمنزلة سمعه وبصره ويده ورجله وهذه آلات إدراكه وعمله وسعيه فإن سمع سمع بحبيبه وإن أبصر أبصر به وإن بطش بطش به وإن مشى مشى به. فإن صعب عليك فهم هذا المعنى وكون المحب الكامل المحبة يسمع ويبصر ويبطش ويمشي بمحبوبه وذاته غائبة عنه فأضرب عنه صفحا وخل هذا الشأن لأهله:
خل الهوى لأناس يعرفون به **** قد كابدوا الحب حتى لان أصبعه) " مدارج السالكين".
هذا هو الحد الفاصل بين الحق والباطل وبذلك تتضح حقيقة الولاية بمفهومها الأصيل فما على العبد السالك سوى التشمير على ساعد الجد واقتفاء أثار الأخيار فإن السير مع ركب الصالحين مكلف.
وختاما أسأل الله تعالى أن يرنا الحق حقا ويرزقنا إتباعه ويرنا الباطل باطلا ويرزقنا إجتنابه، فما كان صوابا فمن الله وما كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان، وحسبي أني جمعت هذه العبارات المتواضعة من ثنايا كتب أهل العلم في قالب مبسط لتعم الفائدة، وينجلي الظلام والغبش عن مفهوم طالما فهمه الناس على غير معناه الصحيح نتيجة تلبيس إبليس وأعوانه من الدجالين والمشعوذين، الذين عتوا في الأرض فسادا يحرفون الكلم عن مواضعه ويوهمون مريديهم بأفهام من نسج الشيطان خيوطها أوهى من بيت العنكبوت والله المستعان.
فالحق كل الحق في التزام الكتاب والسن على فهم سلف الأمة فإنها الغنيمة ويا لها من مفازة فكن لها صائدا وعليها واردا فنعم الورد المورود. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
جمع وترتيب الفقير لعفو ربه: أبي يحيى رشيد الشهيبي المغربي غفر الله له ولوالديه
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[25 - 06 - 10, 05:22 م]ـ
وفقك الله و جزاك خيرا.
ـ[عبد العزيز ابن سليمان]ــــــــ[29 - 06 - 10, 02:43 ص]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا
ـ[أبو يحيى المكناسي]ــــــــ[29 - 06 - 10, 09:38 م]ـ
أخي الفاضل أنا لست شيخا وإنما طويلب علم في بداية المسير، وإنما هي محاولة فحسب لجمع بعض القضايا المرتبطة بالولاية وما حام حولها من الشبه من الغلاة والمنتحلين.
وفقك الله لكل خير وبلغك ما تصبو إليه حتى تصير محدثا من فحول الفن.