ونحن نسوق الدليل على بطلان ما يقول وتهافته.
قال تعالى في سورة الأعراف الآية (19 - 23):
(وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
1 - تأمل قوله تعالى: (لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا).
أي ليظهر شيئاً موجوداً فِعْلاً قد واراه الله بنعمة اللباس، فلا يراه الملائكة ولا إبليس ولا غيرهما، فلما ظهرت سوأتا آدم وحواء الموجودتان فِعْلاً استحيا أشد الحياء من انكشاف سوأتيهما، وذهبا يخصفان عليهما من ورق الجنة كما أخبر الله عنهما.
2 - وتأمل قوله تعالى: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ) أي يغطيان شيئاً كان موجوداً خجلاً وحياء.
وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ... )
[سورة الأعراف: (27)].
تأمل قوله تعالى: (يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ).
ألا تراه واضحاً في أن لهما سوأتان موجودتان كساهما الله لباساً يغطيهما، فأراد الشيطان بمكره بهما أن ينزع عنهما هذا اللباس ليظهر عوراتهما.
وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِى سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذالِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [سورة الأعراف: (26)].
فهذا اللباس يواري سوءات بني آدم الموجودة.
أليس هذا يؤكد أن الله خلق آدم بشراً سوياً كامل الرجولة، وكساه وزوجه حواء وزينهما باللباس الذي يستر عوراتهما، ونعمهما في الجنة يأكلان من كل ما فيها إلا من شجرة واحدة.
فحسدهما إبليس على هذه النعم وعلى هذه المنزلة لينزع عنهما لباسهما وليخرجهما من الجنة إلى آخر ما قصه الله عن آدم وحواء.
أليس من أبطل الباطل أن يقرر إنسان ضد ما يقرره الله في كتابه ليصل إلى قوله: تنعدم السوآت في الجنة كما سيأتي.
- ثامناً: قال الكاتب: "وشرع الله للبشر ما إذا سار الإنسان عليه تأهل من جديد وعاد إلى مقام العندية عند الله في الجنة، وهذا ما وقع فيه (ليوناردو دافنشي) الرسام الكبير عندما تخيل صورة لآدم وحواء فجعل لكل منهما سرة في بطنه، وفاته أنهما لم يولدا من رحم أنثى وبحبل سري، ولم تكن لهما سوأتين (1) عند بدء الخلق".
- أقول: يقصد الكاتب أن الله شرع للبشر ما إذا عملوا به دخلوا الجنة مجردين من الرجولة، وبالتالي ينعدم جماع الحور العين وما يناسبه من المودة والمحبة؛ لأن ذلك مما لا يليق بالجنة على حد زعمه.
ومن أجل ما وقع فيه الرسام المذكور من خطأ على حد زعمه يريد أن يصحح هذا الخطأ بقوله: " وفاته أنهما لم يولدا من رحم أنثى وبحبل سري، ولم تكن لهما سوأتين (2) عند بدء الخلق ".
- أقول: فما هو المانع الشرعي والعقلي أن يكون لآدم وحواء سرَّتان وسوأتان عند بدء خلقهما؟؟
¥