تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تاريخ تدوين العقيدة السلفية]

ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[29 - 06 - 10, 04:26 م]ـ

إن الحمد لله, نحمده ,و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , و أشهد أن محمدا عبده و رسوله

أما بعد:

فإن الله تعالي امتنّ علي عباده ببعثة رسوله محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - , إذ رسالته الشريفة نور بعد ظلام , وهدي بعد ضلال , و رشد بعد غي , فالناس قبل البعثة في الجاهلية جهلاء , و ضلالة عمياء ,فطر ممسوخة و جهل مستحكم.

قال سبحانه و تعالي:

?لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلال مُّبِين?

فالكتاب: كتاب الله.

و الحكمة: سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

فكتاب الله هو المنقذ الأول من أوحال الجاهلية فصله الله تفصيلا و أنزله تبيانا لكل شيء , هدي للعالمين , و شفاء لما في الصدور هو كلام الله سبحانه تكلم به حقيقة منزل غير مخلوق فضله علي سائر كتب الله ظاهر كما قال تعالي (وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم).

و من فضله سبحانه حفظه فلا خوف علي هذا الكتاب من زيادة أو نقصان (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

في موطأ مالك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انه قال: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله و سنة نبيه.

فسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل كتاب الله في وجوب العمل بها , إذ هي أيضا وحي من الله تعالي لكن نتعبد بتلاوتها , وذالك اهتم السلف لحفضها و لزموا العمل بها.

كما قال حسان بن عطية: كان جبريل ينزل علي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالسنة كما ينزل عليه بالقرءان , ويعلمه إياها كما يعلمه القرأن. رواه الدرامي و غيره.

و قال إسماعيل بن عبيد الله: ينبغي لنا أن نحفظ ما جاءنا عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فإهن الله يقول (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) فهو عندنا بمنزلة القرءان. رواه المروزي في السنة.

فحفظ السلف سنة الرسول الكريم في صدورهم و نقلوها كما سمعوها و شاهدوها من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - و هم عمر بتدوينها فامتنع خسية إلتباسها بكتاب الله و إكتفي بحفظها في الصدور و التحديث بها.

و كان الناس آنذاك علي خير و هدي فلما وقعت الفتنة , و ساء فعل من لا خلاق لهم بالوضع في الحديث ما ليس منه , انتدب السلف للحفاظ علي السنة و الذب عنها فاتخذوا تدابير قوية , و وضعوا قواعد صلبة , بها يحفظ حديث الرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الزيادة والنقصان , وكان ذالك أكبر دليل علي عظم هذه الأمة و علو شأنها , وأنها قادرة علي التجديد الموافق لقد الشارع , فقواعد المحدثين رحمهم الله شاهد من شواهد العقول الجبارة في هذه الأمة , حيثما التزمت شرع الله , و وضعت الجاهلية تحت أقدامها.

إنها قواعد و أنظمة يعجز العصر الحديث بما فيه من تقدم و تطور في الوسائل أن يحكم كما أحكمت , و أن يتقن كما أتقنت , فرحمهم الله رحمة واسعة و جزاهم عن الإسلامو السنة خير الجزاء.

و كان من تلك التدابير لحفظ السنة: تدوينها وفق قواعد متقنة , و الفضل بعد الله عز وجل في هذه الخطوة المباركة لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ـ رجمه الله ـ الذي كتب إلي أئمة أهل السنة في عصره يطلب منهم كتابة حديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

فقد كتب إلي أبي بكر بن حزم ـ قاضي المدينة ـ: انظر ما كان من حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاكتبه , فإني خفت دروس العلم , وذهاب العلماء. ذكره البخاري تعليقا في صحيحه. فتح الباري ـ1/ 195 ـ

فكتب أبو بكر بن حزم عن عمرة بنت الرحمان الأنصارية و القاسم ين محمد بن أبي بكر و لكنه لم يلم بما في المدينة من سنة أو أثر.

و كلف عمر بن عبد العزيز: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري بكتابة السنة فكان الزهري هو لأكثر السنة و المدون لها.

ثم تتابع العلماء علي التدوين فقل أن تجد من البلدان إلا و فيه عالم يجمع و يكتب ففي مكة: ابن جرير و ابن إسحاق , وفي المدينة: سعيد ين أبي عروبة و مالك بن أنس و في البصرة: حماد بن سلمة و في الكوفة: سفيان الثوري , وفي اليمن: معمر , وفي مصر: اليث بن سعد و في الشام: الأوزاعي , و بواسط: هشيم هشيم ابن بشير وبخرسان: عبد الله إبن مبارك و بالري: جرير بن عبد الحميد.

ثم جاء الجيل الآخر من أهل السنة , فكان التدوين و التصنيف , فصنفت المسانيد و الصحاح و السنن: علي ترتيب أحاديث الصحابة و علي أبواب العلم. كل هذه الجهود , وغيرها تفصح عن عظم السنة النبوية في قلوب افضل هذه الأمة و أن حفظها فرض أكيد إذ التشريع مبني عليها مع كتاب الله تعالي , فهي تفسر القرآن, وتثبت الأحكام استقلالا , فلا يتهيأ للمسلم أن يعبد الله حتي تقوم عبادته علي الكتاب و السنة و هذا شرط المتابعة و شرط الإخلاص , فمن لم يتبع فهو مبتدع , ومن لم يخلص وقع في الشرك.

يتبع ....

كتبه أبو جاد التونسي السلفي المهاجر نقلا عن مجموعة من الكتب السلفية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير