[نظر في قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى]
ـ[أبو عبد الرحمن الأغا]ــــــــ[03 - 07 - 10, 10:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الكرام
مررت في أثناء قراءتي للكتاب العظيم: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وتحت ما ذكره عن بعض العادات السيئة التي وافق فيها بعض المسلمون النصارى، وذلك بعد ان ذكر الآية {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} فقال ما نصه:
"فأخبر أن كل واحد من الأمتين تجحد كل ما الأخرى عليه. وأنت تجد كثيرا من المتفقهة إذا رأى المتصوفة والمتعبدة، لا يراهم شيئا، ولا يعدهم إلا جهالا ضلالا، ولا يعتقد في طريقهم من العلم والهدى شيئا. وترى كثيرا من المتصوفة والمتفقرة لا يرى الشريعة والعلم شيئا، بل يرى أن المتمسك بها منقطع عن الله وأنه ليس عند أهلها شيء مما بنفع عند الله.
وإنما الصواب أن ما جاء به الكتاب والسنة من هذا وهذا حق، وما خالف الكتاب والسنة من هذا وهذا باطل." {اقتضاء الصراط المستقيم: ص32}
ويعلق شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعة على هذا الكلام فقال ما نصه:
" .... وهو أن نقبل الحق من أي طائفة سواء من المتصوفة أو المتفقهة أو علماء الشريعة، أما أن لا نقبل من هؤلاء شيئا ونقول: كل فعلهم خطأ، فليس بصحيح، والإمام أحمد كان يجلس إلى بعض المتصوفة ليلين قلبه، فخذ الحق من أي إنسان كان ... " {هذا تعليق العلامة ابن عثيمين وقد نقلته بتصرف من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم بتعليقات الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:ص32}
هذا هو قول الإمامين الجليلين رحمهما الله تعالى.
وهما لا يريان شيئا في الجلوس مع بعض الفرق التي فيها من الضلال ما فيها كالمتصوفة وغيرهم على شرط وجود الحق.
ولكن: ألم ينه السلف الصالح عن مجالسة أهل البدع ومخالطتهم ومجادلتهم. بل وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أيضا عن ذلك فقال: والله لقد جئتكم بها بيضاء نقية ... "
وذهب جمع من أهل العلم إلى تحريم مجالسة اهل البدع والنظر في كتبهم، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، حتى أنه وصل الأمر بأن يأمر بحرق كتبهم، وكذلك الإمام العلامة ابن قدامة المقدسي في لمعة الاعتقاد، وكذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .. وهذا ما أذكره من أهل العلم الذين نصوا على ذلك فقط نقلا للأمانة العلمية
والكلام في ذلك يطول ويطول
ويظهر ذلك جليا من قول أبي قلابة رحمه الله تعالى:" لا تجالسوا أهل البدع ولا تجادلوهم، إني أخاف أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم ما كنتم تعلمون"
وغيره مما جاء في نصوص الكتاب والسنة و السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم من التحذير من مخالطتهم ومجالستهم ..
ومع العلم أيضا أن الجلوس مع بعض أهل البدع والضلالة كالصوفية وغيرهم فيه نوع من الإقرار والموافقة، وهذا الفعل لا شك يشعرهم بذلك، ثم قد يستحيل طلب الحق إلى استحسان ما هم عليه وموافقتهم والاغترار بهم إلى آخر ذلك من العواقف التي حذر منها أهل العلم قاطبة.
فما وجه الترجيح بين المذهبين بارك الله فيكم
فقط: لإزالة الإشكال الذي وقع من نفسي، فقد يكون قول شيخ الإسلام وقول ابن عثيمين رحمه الله حجة لأصحاب الأهواء
أفيدونا بارك الله فيكم
ـ[أحمد الغريب]ــــــــ[03 - 07 - 10, 10:47 م]ـ
أما القول بأن الإمام أحمد كان يجلس إلى بعض المتصوفة ليلين قلبه وكان هذا ديدنه فهذا يحتاج إلى إثبات ..
وليس في كلام شيخ الإسلام ما يدل على مجالستهم بل غاية ما في كلامه أن يقبل ما تلفظوا به من حق ويرد عليهم باطلهم ,وقطعا فإن شيخنا العثيمين لم يقصد أن الإمام أحمد كان يعتاد الجلوس مع هؤلاء المبتدعة بل نهيه عن حضور مجالس الحارث المحارسبي معلومة مشتهرة فحضوره قدرا لمجلس من هذه المجالس قبل تبين الفساد في المعتقد لا يعارض الأصل العام في النهي عن مجالستهم.
وكثيرا ما حذر العلامة ابن عثيمين من الجلوس إلى أهل الأهواء والبدع فلا يؤخذ من هذا الكلام المجمل دليلا عليه بأنه يجوز مجالستهم بل ينبغي الرجوع إلى كلامه المحكم في النهي عن ذلك.
والله تعالى أعلم
ـ[أبو عبد الرحمن الأغا]ــــــــ[04 - 07 - 10, 12:32 ص]ـ
جزيت خيرا أخي الكريم على حسن ما خطته يداك
زادنا الله وإياك من عظيم فضله وكرمه
بارك الله فيك
ـ[عادل القطاوي]ــــــــ[07 - 07 - 10, 06:41 م]ـ
هذا صحيح .. ثبوت الفعل من أحمد يحتاج إلى نقل صحيح .. وهذا أولا:
وثانيا: كلام شيخ الاسلام على ما في كلامهم من حق ..
وثالثا وهو الأهم عندي: أن الكلام على من كان عنده تصوف وتعبد على الطريقة السلفية وليست على المذاهب البدعية المتأخرة ..
كما ينقل شيخ الاسلام كثيرا عن الجنيد شيخ الطائفة ويصفه بأنه من أهل السنة ومرجعه الى الكتاب والسنة كما في نصوص كلامه ..
فالأمر بالتفريق بين من كان على حالة تصوف وتعبد وهو في الاجمال على مذهب السلف يأتم بالقرآن والسنة ..
وبين من اتخذ علم الكلام والاشارات الباطنية غلافا لتصوفه البدعي ..
والله أعلم.