تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي كتابه هذا اتهم ابابكر –رضي الله عنه- بأنه "مجرم"، وأنه اعتدى على فاطمة، وأنه ندم في آخر حياته، يقول فضل الله:

(لم نصل إلى حد النفي لهذه الحوادث -كما فعل الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بالنسبة لضربها ولطم خدها- لأن النفي يحتاج إلى دليل كما أن الإثبات يحتاج إلى دليل، ولكن القدر المتيقن من خلال الروايات المستفيضة، بل المتواترة تواتراً إجمالياً، هو الاعتداء عليها، من خلال كشف دارها، والهجوم عليه، والتهديد بالإحراق، وهذا كافٍ للتدليل على حجم الجريمة التي حصلت .. هذه الجريمة التي أرّقت حتى مرتكبيها، ولذا قال الخليفة الأول لما دنته الوفاة: "ليتني لم أكشف بيت فاطمة ولو أعلن عليٌّ الحرب") [الزهراء القدوة، محمد حسين فضل الله، الفصل الثاني، فقرة ظلاماتها]

هكذا بكل جسارة في التوقح يعتبر أبابكر مرتكباً لـ"جريمة" الاعتداء على فاطمة وأنه ندم آخر حياته! وينشر ذلك في كتابٍ يعتبره "كل فكره" في هذه القضية!

قد يقول قائل هاهنا: أن التشكيك في حادثة الضلع هو غاية ما يستطيعه فضل الله في السياق الشيعي، أي أن هذا هو السقف الأعلى المتاح له؟ والحقيقة أن هذا غير دقيق بتاتاً، فانظر كيف أنه في النص السابق نقل عن أضخم مرجعية شيعية في عصره وهو "كاشف الغطاء" نقل عنه أنه ينكر أن يكون أبابكر وعمر ضربوا ولطموا فاطمة، ومع ذلك يرفض الأخذ بإنكار كاشف الغطاء، ويتمسك بجزء من الانحراف!

بل إن فضل الله يتهم نية أبي بكر بأمور خبيثة يستنتجها، حيث يستنتج أن أبا بكر منع فاطمةَ فدكاً لقطع الطريق عليها في طلب الخلافة لعلي! يقول فضل الله:

(كانت المطالبة بفدك جسر العبور إلى الخلافة .. ، لذلك كانت فدك المنطلق ولم تكن الغاية، ويقال إن "ابن أبي الحديد" في شرحه لنهج البلاغة سأل أستاذه: لماذا لم يعط "أبو بكر" فدكاً للزهراء ولو كانت للمسلمين لأعطوها لفاطمة؟ قال له: لو أعطيت فدك لطالبت بالخلافة لعلي، ولذلك رأى أن يقطع الأمر من أول الطريق حتى لا يمتد مطلبها إلى أبعد من ذلك، والله العالم) [كتاب: الزهراء القدوة، محمد حسين فضل الله، الخاتمة]

ولفضل الله استنباطات في غاية الطرافة، فمن المعروف في القصة الشهيرة في البخاري أنه لما اشتد بالنبي وجعه قال (ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده) قال عمر: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا، وكثر اللغط، قال –صلى الله عليه وسلم- (قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع) [البخاري، 114]

فماذا استنبط فضل الله من هذا الحديث؟ استنبط منه أن عمر –رضي الله عنه- يبث الشكوك في الصحابة ليدلس على مراد النبي صلى الله عليه وسلم! يقول فضل الله عن هذا الحديث:

(ومع ذلك قال بعض من عنده "إن النبي ليهجر" أو "غلبه الوجع"، وما أشبه ذلك، حتى بذر الشك فيما يكتبه النبي) [الغدير، فضل الله، ص30].

ونشر فضل الله في موقعه مقالة يتهم فيها عثمان بن عفان –رضي الله عنه- بقبائح مشينة، وبأنه كسر ضلع ابن مسعود، وظلم عمار، وسطا على جواهر وحلي! يقول في موقعه:

(وما زاد في الهوة بين عثمان وبين كبار الصحابة أمثال أبي ذر الغفاري وعبد الله بن مسعود، انتهاجه سلطة تعسفية تجاههم، تجلت بالنفي تارة، وبالضرب والإذلال تارة أخرى حتى مات الأول منفياً في الربذة، ومات الثاني مقهوراً بعد أن كسر ضلعه وحُرم عطاءه) (ومما تعرض له من حوادث ضرب عثمان لعمّار ضرباً موجعاً حتى غشي عليه وحدث له فتق .. ، وكان ذلك على أثر استيلاء عثمان على جواهر وحليّ وما إلى ذلك) [مقالة بعنوان: عمّار بن ياسر: الثبات في الموقف، الموقع الرسمي]

ومن الأمور المثيرة أثناء القراءة في طعون الشيعة على الصحابة أن جل ما يردده هؤلاء من (طعون تاريخية) هي عينها التي نجدها في كتاب ابن المطهر الحلي (منهاج الكرامة) والذي نقضه أدلته فقرةً فقرة ابوالعباس ابن تيمية في (منهاج السنة) .. تأمل فقط الفقرة السابقة التي ذكر فيها فضل الله أن عثمان ضرب ابن مسعود وعمار، هي عينها مقولة الحلي في كتابه حيث يقول الحلي:

(وكان ابن مسعود يطعن عليه ويكفّره، ولما علم عثمان ضربه حتى مات، وضرب عمارا حتى صار به فتق) [منهاج الكرامة، ابن المطهر الحلي، تحقيق عبدالرحيم مبارك، مؤسسة عاشوراء، ص108]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير