فقال: " ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصاد ألسنتهم". والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط.
21 - وسئل فضيلة الشيخ: عن التسمي بالإمام؟.
فأجاب قائلاً: التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم، سمي إمام المسجد إماماً ولو لم يكن معه إلا واحد، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة (إمام) إلا على من كان قدوة وله اتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام، ووصف الإنسان بما لا يستخدمه هضم للأمه، لان الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه.
22 - سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين؟.
فأجاب فضيلته بقوله: هذا حرام، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين، لأم مقتضاه أن يكون هو نبي لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هنّ زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد النبي؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات، وأن يستغفر الله – تعالى – مما جرى منه.
23 - سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (يا عبدي) و (يا أمتي)؟.
فأجاب: قول القائل: (يا عبدي)، (يا أمتي)، ونحوه له صورتان:
الصورة الأولى: إن يقع بصيغة النداء مثل: يا عبدي، يا أمتي؛ فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم،: " لا يقل أحدكم عبدي وأمتي ".
الصورة الثانية: أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين:
القسم الأول: إن قاله بغيبة العبد، أو الأمة فلا بأس فيه.
القسم الثاني: إن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منه وإلا فلا، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب يقول عبدي وأمتي. وذكره صاحب فتح الباري عن مالك.
24 - وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان أنا حرّ؟.
فأجاب بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق العبودية لله – عز وجل – فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية، لأن العبودية لغير الله هي الرق، أما عبودية المرء لربه – عز وجل – فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعاً نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها.
25 - سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه (أنا حر في تصرفاتي)؟.
فأجاب بقوله: هذا خطأ، نقول: لست حراً في معصية الله، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوي.
26 - سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: (إن الله على ما يشاء قدير) عند ختم الدعاء ونحوه؟.
فأجاب بقوله: هذا لا ينبغي لوجوه:
الأول: أن الله – تعالى – إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله – تعالى-:) ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير ((1). وقوله:) ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ((2). وقوله:) ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض ((3). وقوله:) ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير ((4). فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأ، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأ لم يقع والآيات في ذلك كثيرة.
الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعه فقد قال الله عنهم:) يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير ((1). ولم يقولوا (إنك على ما تشاء قدير)، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً.
¥