تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن نقول في الوجه الثالث إنهم في اتحاد اللاهوت بالناسوت يشبهونه تارة باتحاد الماء باللبن وهذا تشبيه اليعقوبية وتارة باتحاد النار بالحديد أو النفس بالجسم وهذا تشبيه الملكانية وغيرهم

ومعلوم أنه لا يصل إلى الماء شيء إلا وصل إلى اللبن فإنه لا يتميز أحدهما عن الآخر وكذلك النار التي في الحديد متى طرق الحديد أو بصق عليه لحق ذلك بالنار التي فيه والبدن إذا ضرب وعذب لحق ألم الضرب والعذاب بالنفس فكأن حقيقة تمثيلهم يقتضي أن اللاهوت أصابه ما أصاب الناسوت من إهانة اليهود وتعذيبهم له وإيلامهم له والصلب الذي ادعوه

وهذا لازم على القول بالاتحاد فإن الاتحاد لو كان ما يصيب أحدهما لا يشركه الأخر فيه لم يكن هنا اتحاد بل تعدد

الجواب الصحيح - (ج 4 / ص 83)

وزعمت طائفة من النصارى أن الناسوت مع اللاهوت كمثل الخاتم مع الشمع يؤثر فيه بالنقش ثم لا يبقى منه شيء إلا أثره

قال أبو الحسن بن الزاغوني ومن معه واختلفت النصارى في الأقانيم فقال قوم منهم هي جواهر وقال قوم هي خواص وقال قوم هي صفات وقال قوم هي أشخاص والأب عندهم الجوهر الجامع للأقانيم والابن هو الكلمة التي اتحدت عند مبدأ المسيح والروح هي الحياة واجتمعوا على أن الاتحاد صفة فعل وليس بصفة ذات

قالوا واختلف قولهم في الاتحاد اختلافا متباينا فزعم قوم منهم أن الاتحاد هو أن الكلمة التي هي الابن حلت جسد المسيح وقيل هذا قول الأكثرين منهم

وزعم قوم منهم أن الاتحاد هو الاختلاط والامتزاج وقال قوم من اليعقوبية هو أن كلمة الله قد انقلبت لحما ودما بالاختلاط وقال كثير من اليعقوبية والنسطورية الاتحاد هو أن الكلمة والناسوت اختلطا وامتزجا كاختلاط الماء بالخمر وامتزاجهما وكذلك الخمر باللبن

وقال قوم منهم الاتحاد هو أن الكلمة والناسوت اتحدا فصارا هيكلا واحدا

الجواب الصحيح - (ج 4 / ص 94)

وقال فوجدنا اليعقوبية قد صرحوا بأن مريم ولدت الله تعالى عما يصفه المبطلون ويقوله العادلون وأنه تألم وصلب ومات وقام بعد ثلاثة أيام من بين الموتى وهذا الكفر الذي تشهد به عليهم سائر ملل النصارى وغيرهم ووجدنا الملكانية قد حادوا عن هذا التصريح إلى ما هو دونه في الظاهر فقالوا إن المسيح شخص واحد و طبيعتان فلكل واحدة من الطبيعتين مشيئة فله بلاهوته مشيئة مثل الأب والروح وله بناسوته مشيئة كمشيئة إبراهيم وداود وأوهموا الواقف على قولهم أنهم بما اخترعوه من هذا الاختيار قد فرقوا بين اللاهوت والناسوت ثم عادوا إلى قول اليعقوبية فقالوا إن مريم ولدت إلها وأن المسيح وهو اسم يجمع اللاهوت والناسوت عند جماعتهم لا يشكون في ذلك مات بالجسد وأن الله لم يمت والذي قد ولدته مريم قد مات بجوهر ناسوته فكيف يكون ميت لم يمت وهل بين المقالتين إلا ما اختلفوا فيه من الطبائع فرق

الجواب الصحيح - (ج 4 / ص 95)

وإذا كانوا قد اعترفوا بأن مريم ولدت الله وأن الذي ولدته مريم وهو المسيح الاسم الجامع للجوهرين للاهوت والناسوت قد مات فهل وقعت الولادة والموت وسائر الأفعال التي تحكي النصارى أنها فعلت بالمسيح إلا عليهما

فكيف يصح لذي عقل عبادة مولود من امرأة بشرية قد مات ونالته العلل والآفات

قلت ومما يوضح تناقضهم أنهم يقولون إن المسيح وهو اللاهوت والناسوت شخص واحد وأقنوم واحد مع قولهم أنهما جوهران بطبيعتين ومشيئتين فيثبتون للجوهرين أقنوما واحدا ويقولون هو شخص واحد ثم يقولون إن رب العالمين إله واحد وأقنوم واحد وجوهر واحد وهو ثلاثة أقانيم فيثبتون للجوهر الواحد ثلاثة أقانيم وللجوهرين المتحدين أقنوما واحدا مع أن مشيئة الأقانيم الثلاثة عندهم واحدة والناسوت واللاهوت يثبتون لهما مشيئتين وطبيعتين ومع هذا هما عندهم شخص واحد أقنوم واحد وهذا يقتضي غاية التناقض سواء فسروا الأقنوم بالصفة أو الشخص أو الذات مع الصفة أو أي شيء قالوه

وهو يبين أن الذين تكلموا بهذا الكلام ما تصوروا ما قالوه

الفتاوى الكبرى - (ج 6 / ص 586)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير