["إنفصام الشخصية" عند المتكلمين الصوفية في صفة العلو الذاتية]
ـ[أبو نسيبة السلفي]ــــــــ[29 - 07 - 10, 08:59 ص]ـ
بسم الله
كم يعاني هؤلاء من اضطراب نفسي!!!
النقل الاول من كتاب موقف شيخ الاسلام ابن تيمية من الاشاعرة - المحمود
أما الأقوال في "العلو" فذات شقين:
أ - الأقوال في علو الرب تبارك وتعالى وفوقيته، وبينونته عن خلقه.
ب - الأقوال في ما يعتبره أهل الكلام من لوازم القول بالعلو مثل "الجهة" و"التحيز" و"الجسم" ونحوه.
أما الأول: فقد وقع الخلاف فيه بين الطوائف على أقوال:
1 - قول من ينكر العلو مطلقا، ويقول: ليس فوق العالم شيء أصلا ولا فوق العرش شيء، وهذا قول الجهمية والمعتزلة وطوائف من متأخري الأشعرية، والفلاسفة النفاة، والقرامطة الباطنية وغيرهم.
وهؤلاء قسمان:
قسم يقول: ليس داخل العالم ولا خارجا عنه، ولا حالا فيه وليس في مكان من الأمكنة. فهؤلاء ينفون عنه الوصفين المتقابلين. وهذا قول طوائف من متكلميهم ونظارهم.
وقسم منهم يقول: إنه في كل مكان بذاته، كما يقول ذلك طوائف من عبادتهم ومتكلميهم، وصوفيتهم وعامتهم ([1]).
"وكثير منهم يجمع بين القولين:
ففي حال نظره وبحثه يقول بسلب الوصفين المتقابلين فيقول: لا هو داخل العالم ولا خارجه،
وفي حال تعبده وتألهه يقول بأنه في كل مكان، ولا يخلو منه شيء حتى يصرحون بالحلول في كل موجود - من البهائم وغيرها - بل بالاتحاد بكل شيء، بل يقولون بالوحدة التي معناها أنه عين وجود الموجودات،
ثم يعلل شيخ الإسلام سبب هذا التناقض فيقول: "وسبب ذلك أن الدعاء والعبادة والقصد والإرادة والتوجه يطلب موجودا، بخلاف النظر والبحث والكلام؛ فإن العلم والكلام والبحث والقياس والنظر يتعلق بالموجود والمعدوم،
فإذا لم يكن القلب في عبادة وتوجه ودعاء سهل عليه النفي والسلب، وأعرض عن الإثبات،
بخلاف ما إذا كان في حال الدعاء والعبادة فإنه يطلب موجودا يقصده، ويسأله ويعبده، والسلب لا يقتضي إلا النفي والعدم، فلا ينفي في السلب ما يكون مقصودا معبودا" ([2])
وهذا تحليل دقيق جداً، غاص شيخ الإسلام من خلاله في الثنايا النفس البشرية وطبيعتها، وهو يفسر ما يلاحظه المطلع والباحث في كتب العقائد الكلامية من وجود أنواع من التناقض عند كثيرة من هؤلاء المتكلمين والفلاسفة، ومن أمثلة ذلك:
- جمعهم بين علم الكلام الفلسفي، والتصوف.
- تعويلهم على العقل في كثير من مباحث أصول الدين، حتى أنهم يقدمونه على النصوص، ثم في الوقت نفسه يعولون على الكشوفات والمشاهدات الصوفية عندهم أو عند أشياخهم.
- وفي العلو قد يقولون لا داخل العالم ولا خارجه، ثم يقولون هو في كل مكان.
- وفي توحيد الربوبية قد يبالغ في إثباته إلى حد نفي كثيرمن الصفات الثابتة لله لأجل تحقيقه كما يزعم، ثم هو يناقض هذا التوحيد حين يرد في خاطره أو يعتقد أن النجوم أو القبور أو غيرها لها تأثير في الضر والنفع والرزق وغيرها.
إلى غير ذلك من أنواع التناقض الذي يصعب أن يجد له الإنسان تفسيراً، فرحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية وغفر له على ما أوضح وبين.
وإنما طال القول في بيان مذهب هؤلاء لدخول كثير من متأخري الأشعرية النفاة فيهم. فهذان قولان، قد يجمع بينهما بعض.
2 - قول من يقول: "هو فوق العرش، وهو في كل مكان ويقول: أنا أقر بهذه النصوص وهذه، لا أصر واحدا منها عن ظاهره وهذا قول طوائف ذكرهم الأشعري في المقالات الإسلامية ([3])، وهو موجود في كلام طائفة من السالمية والصوفية، ويشبه هذا ما في كلام أبي طالب المكي ... " ([4])، وهؤلاء غالطون وإن زعموا أنهم جمعوا بين نصوص العلو والمعية.
3 - قول سلف الأمة وأئمتها، أئمة أهل العلم والدين، وهؤلاء آمنوا بجميع ما جاء في الكتاب والسنة، وأثبتوا علو الله تعالى وفوقيته، وأنه تعالى فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، وهم بائنون منه، وهو أيضاً مع العباد بعلمه، ومع أوليائه وأنبيائه بالنصر والتأييد ([5]).
([1]) انظر: مجموع الفتاوى (5/ 122 - 123،272).
([2]) مجموع الفتاوى (5/ 272 - 273)، وانظر: درء (5/ 169)، ونقض التأسيس - مطبوع - (2/ 5 - 6، 505، 512).
([3]) انظر: مقالات الإسلاميين (ص:215 - 299) - ت ريتر.
([4]) مجموع التفاوى (5/ 124).
([5]) انظر: المصدر السابق (5/ 126).
النقل الثاني:
¥