تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المهتدون يُقرون على ذلك مع علمهم بأنَّ العامة لم يقفوا على الحق فيه ولم يهتدوا إليه، وأجروا عليهم أحكام الإسلام من جواز المناكحات، والتوارث، والصلاة عليهم إذا ماتوا، وتغسيلهم، وتكفينهم، وحملهم، ودفنهم في مقابر المسلمين، ولولا أنَّ الله قد سامحهم بذلك، وعفا عنه لعسر الانفصال منه، ولما أجريت عليهم أحكام المسلمين بإجماع المسلمين، ومن زعم أنَّ الإله يحل في شيء من أجساد الناس، أو غيرهم، فهو كافر، لأنَّ الشرع إنَّما عفا عن المجسمة لغلبة التجسم على الناس فإنهم لا يفهمون موجودا في غير جهة، بخلاف الحلول فإنَّه لا يعم الابتلاء به ولا يخطر على قلب عاقل ولا يعفى عنه، ولا عبرة بقول من أوجب النظر عند البلوغ على جميع المكلفين فإن معظم الناس مهملون لذلك غير واقفين عليه ولا مهتدين إليه، ومع ذلك لم يفسقهم أحدٌ من السلف الصالحين كالصحابة والتابعين، والأصح أنَّ النظر لا يجب على المكلفين إلا أنْ يكونوا شاكين فيما يجب اعتقاده، فيلزمهم البحث عنه، والنظر فيه إلى أنْ يعتقدوه أو يعرفوه، وكيف نكفر العامة الذين لا يعرفون أنَّ كلام الله معنى قديم قائم بنفسه متجه مع القضاء بكونه أمرا ونهيا ووعدا ووعيدا وخبرا واستخبارا ونداء ومسموعا مع أنَّه ليس بصوت، وإنَّ اعتقاد مثل هذا لصعب جدا على المعتقدين الذاهبين إلى أنه من القواطع، المكفرين لجاحديه. ا. هـ[3]

3 - بعض فضلائهم:

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة-رحمه الله- في درء تعارض العقل والنقل:

ولقد حدثني بعض أصحابنا أنَّ بعض الفضلاء الذين فيهم نوعٌ من التهجم عاتبَه بعضُ أصحابه على إمساكه عن الانتصار لأقوال النفاة، لما ظهر قولُ الإثبات في بلدهم بعد أنْ كان خفيًا، واستجاب له الناس بعد أنْ كان المُتكلم به عندهم قد جاء شيئًا فريًا، فقال: هذا إذا سمعه الناس قَبلوه، وتلقوه بالقبول، وظهر لهم أنَّه الحق الذي جاء به الرسول، ونحن إذا أخذنا الشخص فربيناه، وغذيناه ثلاثين سنة، ثم أردنا أنْ نُنْزل قولنا في حلقه لم ينزل في حلقه إلا بِكَلَفة. ا.هـ

مذهب الأشاعرة في أفعال العباد (كسب الأشعري-رحمه الله-)

1 - قال العلامة أبو سالم العياشي في "رحلته" خلال ترجمته لشيخه الإمام العارف ملا إبراهيم الكوراني [4]:

وقد بالغ شيخنا -قلت: أي صفي الدين القشاشي- في إيضاحها –أي مسألة الكسب- والاستشهاد في رسائله الثلاث، وكذلك تلميذه السابق ذكره بالغ في بيانها، وكشفها،ومع ذلك لم تَخْل عن غموض، ولم تتضح كل الوضوح، ولا غرو إذ هي من معضلات المسائل التي حارت فيها أفكارُ المتقدمين، ولم تحصل على طائلٍ في تحقيق معناها آراءُ المتأخرين، فقصارى أمرهم فيها اعتقاد انفراد الرب- تعالى- بالخلق، والاختراع، واعتقاد أنَّ للعبد في أفعاله الاختيارية كسبًا به صح نسبة الأفعال إليه، وبه ثبت التكليف، وعليه ترتب الثواب والعقاب، وهذا معتقد جميع أهل السنة، وهو الحق الذي لا محيص عنه ولكنه إذا ضويقوا في تحقيق معنى هذا الاكتساب وتبيينه تباينت آراؤهم بين مائل إلى ما يقرب من الجبر ومائل إلى ما يقرب من القدر، وأهل السنة [5] لا يقولون بواحد منهما فقد قال السعد في شرح العقائد –أي النسفية- بعدما ذكر كلامًا في معنى الكسب ما نصه: "وهذا القدر من المعنى ضروري، إذ لم نقدر على أَزْيَد من ذلك في تلخيص العبارة المفصحة عن تحقيق كون فعل العبد بخلق الله تعالى وإيجاده، مع ما للعبد فيه من القدرة والاختيار" [6] فإذا علم أنَّ فحول أهل السنة قد عجزوا عن تحقيق معناه مع تظاهرهم وتظافر معتقداتهم على نفير الجبر والاستقلال .. ا. هـ[7]

ولذا قال الرازي: "وعند هذا التحقيق يظهر أن الكسب اسم بلا مسمى" [8]

مذهب الأشاعرة في كلام الله-عز وجل-

1 - قال إمامهم الرازي-رحمه الله- مستدركًا على مذهب إمامهم عبدلله بن كلاب-وتابعه طائفة كبيرة من متقدمي الأشاعرة [9]- في كلام الله تعالى حيث قرر ابن كلاب:

"أنَّ كلام الله -تعالى- وإنْ كان قديمًا لكنه ما كان في الأزل أمرًا ولا نهيًا ولا خبرًا ثم صار فيما لا يزال كذلك فقال:

وهذا غاية في البعد لأنَّا لمَّا وجدنا في [النفس] [10] طلبًا واقتضاءً، وبيَّنا الفرق بينه وبين الإرادة، أمكننا بعد ذلك أنْ نشير إلى ماهيَّة معقولة، وندعي ثبوتها لله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير