تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الادلة القاطعة على امامة ابي بكر الصديق والرد على شبهات الشيعة لفخر الرازي]

ـ[منهاج السنة]ــــــــ[07 - 08 - 10, 02:36 م]ـ

الفصل الرابع: في إقامة الدلالة على أن الإمام الحق بعد رسول الله صلى اله عليه وسلم أبو بكر رضي الله تعالى عنه.

و المعتمدة في المسألة: أن الأمة مجمعة على أن الإمام الحق بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم إما أبو بكر و إما علي و إما العباس- رضي الله عنهم- و إذا بطل القول بأن الإمام هو علي أو العباس- رضي الله عنهما- وجب القطع بأن الإمام هو أبو بكر رضي الله عنه.

واعلم أن هذا الدليل مبني على مقدمات:

المقدمة الأولى: إن الأمة مجمعة على أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد هؤلاء الثلاثة.

واعلم أن الأنصار طلبوا الخلافة لأنفسهم في أول الأمر وقالوا: منا أمير و منكم أمير. فلما ناظرهم «أبو بكر» في ذلك تركوا قولهم، فصار ذلك القول باطلا بإجماع الأمة. وكل من نظر في كتب السير، علم و تيقن اتفاق الأمة على أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس إلاّ أحد هؤلاء الثلاثة.

المقدمة الثانية:

إن «عليا» رضي الله عنه ما كان بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في العجز إلى حيث لا يمكنه طلب حق نفسه،

وما كان «أبو بكر» رضي الله عنه في القوة و التسلط بحيث يمكنه غصب الحق من «علي» رضي الله عنه.

و الدليل عليه: أن «عليا» رضي الله عنه كان في غاية الشجاعة و الشهامة. و كانت «فاطمة» رضي الله عنها مع علو منصبها زوجة له. و كان " الحسن" و "الحسين"- رضي الله عنهما- ابنيه و كان "العباس" مع علو منصبه معه.

فإنه يروى في الأخبار: أن "العباس" قال ل"علي": أمدد يدك أبايعك، حتى يقول الناس: عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله، و لا يختلف عليك اثنان. و "الزبير" كان مع غاية شجاعته مع "علي" فإنه يروى أنه سل سيفه، وقال: لا أرضى بخلافة "أبي بكر" و أما "أبو سفيان" فإنه قال: أرضيتم يا بني "عبد مناف" أن تلي عليكم "تيم" و الله لأملأن الوادي عليكم خيلا ورجلا.

و أما جملة الأنصار فإنهم كانوا أعداء "أبي بكر" و ذلك لأنهم طلبوا الإمامة لأنفسهم، فدفعهم أبو بكر عنها بقوله عليه السلام "الأئمة من قريش".

فلو كان ""علي" رضي الله عنه منصوصا عليه نصا ظاهرا، لعرفوه. و لو عرفوه لقالوا لأبي بكر: نحن أردنا أن نأخذ الخلافة لأنفسنا، فلما منعتنا عنها، فنحن نمنعك أيضا عن الظلم، و نسلمها إلى مستحقها. فإن من المعلوم: أن الخصم القوي إذا وجد مثل هذا الطعن، لا يتركه.

فثبت بم ذكرنا: أن الإمامة لو كانت حقا لعلي بالنص، لكان في غاية القدرة على أخذها و منع الظالم المنازع فيها. و أما أبو بكر فمعلوم أنه ما كان معه عسكر و لا شوكة و لا مال. و عند الروافض أنه كان ضعيفا جبانا. ومتى كان الأمر كذلك، استحال في مثل "علي" مع كثرة أسباب أمره و القوة و الشوكة في حقه، أن يصير عاجزا في يد شيخ ضعيف، ليس له مال و لا عسكر، و لا قوة بدن و لا قوة قلب، ثم يبلغ ذلك العجز إلى حيث لم يخرج عن داره و لم يظهر المحاربة و المنازعة بوجه من الوجوه. و هذا مما لا يقبله العقل البتة.

واعلم: أن أحوال الإثنى عشرية في هذا الباب عجيب. و ذلك لأنهم إذا وصفوا عليا بالشجاعة و الشوكة، بالغوا في ذلك الوصف بحيث يخرجونه عن المعقول. و إذا تكلموا في هذه المسألة، وصفوا عليا بالعجز، و يبالغون فيه مبالغة يخرجونه عن المعقول.

المقدمة الثالثة: أن نقول: لما ثبت بالإجماع: أن الإمام أحد هؤلاء الثلاثة

فنقول: وجدنا عليا وعباسا تركا المنازعة مع أبي بكر. و ذلك الترك إما للعجز أو للقدرة، لا جائز أن يكون للعجز، لما قررناه في المقدمة الثانية.

فثبت أنهما تركا المنازعة مع القدرة على المنازعة. فإن كانت الإمامة حقا لواحد منهما، كان ترك هذه المنازعة معصية كبيرة. و ذلك يوجب انعزالهما. و إذا ثبت انعزالهما، ثبت القول بإمامة أبي بكر رضي الله عنه. و إن لم تكن الإمامة حقا لهما، وجب أن تكون حقا لأبي بكر، لئلا يخرج الحق عن جميع أقوال الأمة. فثبت أنه لابد على كل حال من الاعتراف بإمامة أبي بكر رضي الله عنه.

واعلم: أنه لا كلام لمخالف على هذا الدليل إلاّ كلامهم المشهور من أن عليا إنما ترك المحاربة لأجل الفتنة و الخوف. ونحن أبطلنا هذا الكلام. فيبقى هذا الدليل سالما عن المعارضة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير