تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف تصبح صوفيا أصليا]

ـ[أبو عثمان_1]ــــــــ[08 - 08 - 10, 12:30 م]ـ

[كيف تصبح صوفيا أصليا]

كثر ت هذه الأيام الأصوات بقولهم أنه يوجد تصوف سني وتصوف بدعي أو تصوف معتدل وتصوف غال، وحقيقة أن قائل هذا الكلام لا يعرف حقيقة التصوف حق المعرفة حيث أن أصبح للتصوف على أقل الأحوال المتأخر طقوس وقواعد وضوابط ليصبح المرء صوفيا أصليا كما سوف ترى في هذا الموضوع، وكي تصبح صوفيا أصلا عليك لابد أن تمر بهذه المراحل:

أولا: إتباع شيخ صوفي ومبايعته على السمع والطاعة، ومن يدعي التصوف وليس له شيخ يعتبر لقيا عندهم كما قال محمد أمين الكردي: ((وأجمع العارفون على أن من لم يصح له نسب إلى القوم فهو لقيط في الطريق)) [المواهب السرمدية ص 3]

قال عبد المجيد الشرنوبي في شرح تائية السلوك: ((ثم قال المصنف رضي الله عنه:

ويدعى لقيطا أين حل مُعطلا ** وإن كان ذا علم كزوج عقيمة

دعيا مع السادات في كل موطن ** كذا نقلوه جل أهل الحقيقة

يعني أن من لم يكن له شيخ فإنه يدعى أي يسمى عند القوم لقيطا أين حل أن نزل واللقيط في الأصل الولد الملقوط أي المأخوذ من الأرض من غير أن يعلم له أب والمراد مقطوع النسب وقوله معطلا أي من التحلية بالاندراج في سلك القوم وإن كان ذا علم لأنه حينئذ يكون هو وعلمه كزوج امرأة عقيمة لأن علمه لا ينتج له شيئا كالمرأة العقيمة التي لا تلد لزوجها. ولذا قال الغزالي: (إذا وجدتم الرجل قد طبق الأرض علماً ولم يكن له شيخ يوصله إلى سلسلة القوم فهو عقيم لم يكن يلقى الحكمة).أ هـ.

وحينئذ يدعى دعياً مع السادات أي غير منسوب لهم في كل مواطن فهو كابن الزنا عند القوم كذا نقلوه جل بضم الجيم أي معظم اهل الحقيقة وهم السادة الصوفية)) [ص 143].

ثانيا: بعد المبايعة يقوم الشيخ الصوفية بتلقين الصوفي الجديد بأوراد من تأليف الشيخ نفسه أو تأليف مؤسسة الطريقة ويلزمونه بها كي يكون من أفراد الطريقة كما قال عبدالله الصديق الغماري بعدما ذكر " ورد الطريقة الصديقية ": ((يقرأ هذا الورد بعد صلاة الصبح ومثله بعد صلاة المغرب فبالتزام الشخص لهذا الورد يصير من أهل الطريقة منسوبا إليها ومحسوبا عليها ولا يصح تركه إلا لعذر كمرض مانع)) [الدرر النقية في أذكار وآداب الطريقة الصديقية ص 5].

ثالثا: الخدمة والذل والانكسار لشيخ الطريقة كما يقول ابن عطاء الله السكندري في كتابه التوفيق في آداب الطريق: ((أي إذا تخلقت بما تقدم من الآداب ووصلت بافتقارك وانكسارك إلى الشيخ وتمسكت بأثر تلك الأعتاب فراقب أحواله واجتهد في حصول مراضيه وانكسر واخضع له في كل حين فانه الترياق والشفا وان قلوب المشايخ ترياق الطريق ومن سعد بذلك تم له المطلوب وتخلص من كل تعويق واجتهد أيها الأخ في مشاهدة هذا المعنى فعسى يرى عليك من استحسانه لحالك أثرا)) [ص 20 – 21]، ويقول أيضا: ((أي وانهض في خدمة الشيخ بالجد فعساك تحوز رضاه فتسود مع من ساد واحذر أن تضجر ففي الضجر الفساد ولازم أعتاب بابه في الصباح والمساء لتحوز من الوداد)) [ص 23]

رابعا: عدم الاعتراض على الشيخ مهما فعل هذا الشيخ الصوفي، قال الغزالي: ((ومهما أشار عليه المعلم بطريق في التعلم فليقلده، وليدع رأيه، فإن خطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه)) [إحياء علوم الدين 1 - 50]، وقال: ((فمُعتَصم المريد بعد تقديم الشروط المذكورة شيخه، فليتمسك به تمسك الأعمي على شاطئ النهر بالقائد، بحيث يفوض أمره إليه بالكلية، ولا يخالفه في ورده ولا صَدَره، ولا يبغي في متابعته شيئا ولا يذر، وليعلم أن نفعه في خطأ شيخه لو أخطأ أكثر من نفعه في صواب نفسه لو أصاب)) [المصدر السابق 3 - 76].

وقال علي وفا: ((المريد الصادق مع شيخه كالميت مع مغسله، لا كلام، ولا حركة، ولا يقدر أن ينطق بين يديه من هيبته، ولا يدخل، ولا يخرج، ولا يخالط أحداً، ولا يشتغل بعلم ولا قرآن ولا ذكر إلا بإذنه)) [الأنوار القدسية 1 - 187]

ويقول محمد أمين الكردي: ((ومنها أن لا يعترض عليه فيما فعله، ولو كان ظاهره حراماً، ولا يقول: لم فعل كذا؟ لأن من قال لشيخه " لم؟ لا يفلح أبداً، فقد تصدر من الشيخ صورة مذمومة في الظاهر وهي محمودة في الباطن)) [تنوير القلوب ص528].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير