((كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن: يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان أو حيثما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، قالت: فأعرض عني فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها)) رواه البخاري (3775).
وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ:
((أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)) رواه البخاري (2574) ومسلم (2441).
الأذية الرابعة / لعنه وسبه لزوجه الصديقة الكريمة الزكية الصالحة أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ.
حيث قال ـ أخزاه الله ـ:
[عائشة الحميراء بنت أبي بكر لعنت الله عليهما].
وقال ـ أهلكه الله ـ:
[هي سيدة أهل النار، لعنة الله عليها].
وقال ـ أذله الله ـ:
[للعلم عائشة كان لسانها قذراً فحاشاً سباباً إلى أقصى درجة، كانت امرأة قليلة أدب، تسب على المليان].
وقال ـ أهانه الله ـ في موضع آخر:
[أنا شخصياً في صلاتي دائماً وفي حال القنوت ألعن أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة].
قلت:
لقد خرج هذا الأفاك الأثيم، والجهول الظلوم الغشوم الحقود عن كتاب ربه ـ جل وعلا ـ، وعصى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وفارق مذهب أهل بيت النبوة، ومن يحبهم ويجلهم من المؤمنين، وأزرى بنفسه وأتباعه وأشياعه بهذا الكلام الفاحش البذيء، والقول القبيح الرديء، واللفظ النكد المرذول، ودونكم بيان ذلك من أوجه:
الوجه الأول:
إن الله ـ عز وجل ـ قد ذكر في كتابه العزيز حال أهل الإيمان حقاً وصدقاً مع الصحابة السابقين إلى الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه وتوقيره ونصرته من الصحابة ذكوراً وإناثاً بعد أن مدحهم وأثنى عليهم، وأنه:
الدعاء لهم بالمغفرة، وأن لا يجعل في قلوبهم شيئاً من البغض والحسد والحقد على أحد منهم، فقال سبحانه في سورة الحشر:
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
قال الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ في "تفسيره" (8/ 79) عقب هذه الآية:
من كان في قلبه غِلّ على أحد من الصحابة، ولم يترحم على جميعهم، فإنه ليس ممن عناه الله بهذه الآية، لأن الله تعالى رتب المؤمنين على ثلاثة منازل: المهاجرين والأنصار والتابعين الموصوفين بما ذكر الله، فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجًا من أقسام المؤمنين. اهـ
الوجه الثاني:
قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته جميعاً:
((لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) رواه البخاري (3673) ومسلم (2540).
فرسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاه ويزجره عن سب أصحابه، وهو يخالفه ويرد قوله ويتجرأ عليه فيسبهم ويلعنهم، بل ويسب ويلعن ويقبح ويؤذي أحب النساء إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب إلا طيباً، فقد أخبر عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
((أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة، فقلت من الرجال؟ فقال: أبوها، قلت ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب، فعد رجالا)) رواه البخاري (3662) ومسلم (2384).
بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى من ناشده في شأن هدايا الناس له في يوم عائشة عن المعاودة، وهذا الهماز اللماز العتل الزنيم الفاحش البذيء يؤذيه أذىً شديداً فيلعنها ويسبها ويصفها بأقبح وأشنع وأخس الأوصاف.
قالت رميثة عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ:
أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كلمنها أن تكلم النبي صلى الله عليه وسلم: إن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وتقول له: إنا نحب الخير كما تحب عائشة، فكلمته فلم يجبها، فلما دار عليها كلمته أيضاً فلم يجبها، وقلن: ما رد عليك؟ قالت: لم يجبني، قلن: لا تدعيه حتى يرد عليك أو تنظرين ما يقول، فلما دار عليها كلمتهن فقال:
¥