وإذا كان ذلك كذلك، فإن مؤسسات الرصد الغربية عامة، والأمريكية خاصة، إذا رأت الغضبَ الشعبي عن طريق إغراق الإنترنت بالمقالات المناهضة للتوجُّه التغريبي في المملكة، ستقدِّم مصالحها على تسويق فكرها، وتخفف من ضغوطها التغريبية، وتتخلى عن أتباعها، أو تأمرُهم بتخفيف حملتهم على الإسلام وعلمائه ودعاته؛ فالضغطُ الشعبي عن طريق الكتابة له أثرٌ كبير في تغيير القناعات، وتعطيل المشروعات التغريبية، ودحْر من يقوم عليها من المفسدين.
والملاحظ أن العصابة الصحفية حين تتآلب على عالمٍ أو داعية، وتؤلِّب القوى السياسيةَ الداخلية والخارجية عليه في عشرات المقالات بتنسيق تام، وحملات منظَّمة تستهدف فيها شخصيات مؤثِّرة في مقاومة المد التغريبي، فإنها تُقدِّم هذا الافتراء للقوى المؤثِّرة داخليًّا وخارجيًّا على أنه مَطالبُ شعبيةٌ لتكميم أفواه المعارضين للمشروع التغريبي وإقصائهم واستئصالهم، وفي ضخ مئات المقالات المناهضة لذلك فضحٌ للصحافة، وإثبات أنها لا تمثِّل إلا نفسها؛ بدليل أن الحملة المناهضة لها أقوى بكثير مما تنشره في صحفها.
إننا - يا معشر القراء والقارئات - نعيش في مرحلةٍ مفصلية لها ما بعدها، فإما أن ينجح الليبراليون في تمرير مشروعاتهم وفرضها على الناس بالقوة، كما حاولوا في السينما والاختلاط - ولا يزالون - وإما أن يندحر مشروعُهم ويَسقط تحت الرايات الاحتسابية، التي انبرى لها عددٌ من العلماء الربانيين، والدعاة المخلصين لدينهم وأمَّتهم وبلادهم، والأخيار الذين يؤيدونهم، والليبراليون مستميتون في استغلال الأوضاع الداخلية والخارجية لتحقيق ما يريدون بأسرع وقت، والمسؤوليةُ ليست خاصةً بفئة من الناس دون أخرى؛ بل يجب على المجتمع كلِّه حماية بيضة الإسلام، والمحافظة على سمْت المجتمع ومظهره الديني.
ماذا سيقول الصامتون لله - تعالى - يوم القيامة وهم يستطيعون أن يذبُّوا عن الإسلام بأقلامهم وألسنتهم؟! وهل ينفعهم ندمُهم وأسفهم وأساهم حين تخرج بناتُهم عن طوعهم، فيُخلع حجابها، ويُغرَّب عقلها، ويُعتدى على عفافها، وهم لا يملكون حيلة تجاههن؟!
ولا يقولَنَّ أحدٌ: لن يقع ذلك؛ ففي مصر والشام ودول المغرب من المحافظة على الحجاب، ومنع الاختلاط، وصلاح المجتمع قبل مائة سنة ما يوازي مجتمعَنا الآن؛ بل ويفوقه، ثم ماذا كان حالهم حين خذل الناسُ علماءهم ودعاتهم في مقاومة المدِّ التغريبي، الذي أفسد دينَهم وبيوتهم ونساءهم، ولم يُصلِح لهم دنياهم؟! فهم في الفقر والحاجة والتخلُّف يرسفون، وما أشدَّ ضياعَ الدين والدنيا على الناس! وهو ما يسعى إليه الليبراليون.
ويمكن أن يُعزى صمت الأكثرية إلى أسباب، أهمها:
1 - الخوف من الإرهاب الليبرالي الذي حوَّل الصحافة إلى محارقَ نازيةٍ لمن يقف في وجوههم، أو يناقش أفكارهم؛ فيختار كثير الناس السلامةَ على المواجهة.
2 - أن من يقومون بالدفاع عن بيضة الإسلام، ويكشفون حقيقة المشروعات الليبرالية التغريبية من العلماء والدعاة والكتاب الغيورين - قد أدَّوا فرض الكفاية، ورفعوا الحرج عن البقية.
3 - عدم محبة كثير من الناس للكتابة، أو ضعفهم فيها، وبعضهم يريد أن يكتب شيئًا عاليًا جدًّا أو لا يكتب أبدًا، أو الكسل عن ذلك أو التسويف.
4 - دعوى بعضهم أنه لو كتب لا تنشر الصحفُ والمجلات له.
وكل هذه تعليلاتٌ عليلة، وأسباب لن ترفع الإثمَ عن أصحابها، ولن تعذرهم أمام الله - تعالى - وأمام أمَّتهم، وأمام التاريخ.
ومن أهل الإسلام فئةُ الأحلام الوردية، ودعاة التقارب مع كل أحدٍ إلا مع إخوانهم، والمحذِّرون من الاصطفاف مع أي الفريقين، وأكثر مواقفهم سلبية جدًّا، وتصبُّ في مصلحة التيار الليبرالي في الغالب، وليتهم سكتوا حين لم يحسنوا أن ينطقوا بالحق.
تفعيل الضغط الشعبي:
قد يقتنع كثيرٌ من قرَّاء هذا المقال بما فيه، ويريدون خطوات عملية في هذا السبيل، والذي أراه:
1 - أن يلتزم كلُّ واحد من قرَّائه بكتابة مقالٍ كلَّ أسبوع مناهضٍ للمشروع التغريبي، سواء كان تأصيلاً أم ردًّا، أم بيانًا لخطر خطوة تغريبية، أم نصرة لعالم أو داعية ممن نالوا منه.
2 - إذا جهر أحد الصحفيين بمنكرٍ من القول يتطاول فيه على الشريعة أو حملتها، فليسجل موقفًا بمقالة - ولو قصيرةً من صفحة واحدة أو أكثر - وينشرها.
¥