تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول عن الحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومن ذلك أن اليوم الذي هو يوم عاشوراء، الذي أكرم الله فيه سبط رسوله وأحد سيدي شباب أهل الجنة بالشهادة على أيدي من قتله من الفجرة الأشقياء، وكان ذلك مصيبة من أعظم المصائب التي وقعت في الإسلام ... ولا ريب أن ذلك إنما فعله الله كرامة للحسين رضي الله عنه ورفعاً لدرجته ومنزلته عند الله، وتبليغاً له منازل الشهداء، وإلحاقاً له بأهل بيته الذين ابتلوا بأصناف البلاء" ([10]).

وهذه أمثلة من أقواله عن ذرية عليّ رضي الله عنه:

"وأما علياً بن الحسين فمن كبار التابعين، وساداتهم علماً وديناً، وأخذ عن أبيه وابن عباس وروى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن سعيد الأنصاري والزهري وله من الخشوع وصدقة السر وغير ذلك من الفضائل ما هو معروف" ([11]).

"وجعفر الصادق رضي الله عنه من خيار أهل العلم " ([12]).

"وكذلك أبو جعفر محمد بن علي من خيار أهل العلم والدين وأما كونه أعلم أهل زمانه فهذا يحتاج إلى دليل، والزهري من أقرانه وهو عند الناس أعلم منه" ([13]).

ولم يكتف ابن تيمية رحمه الله بتقرير عقيدة أهل السنة في آل البيت والثناء والترحم عليهم، وإنما هب للذب عنهم، ورد المطاعن التي وجهت إليهم ظلماً وعدواناً.

فيقول في منهاج السنة: "وتولى علىُّ على أثر ذلك والفتنة قائمة، وهو عند كثير من الناس متلطخ بدم عثمان، والله يعلم براءته مما نسبه إليه الكاذبون عليه المبغضون له، وكذلك براءته مما نسبه إليه الغالون فيه المبغضون لغيره من الصحابة، فإن علياً لم يعن على قتل عثمان ولا رضي به كماثبت عنه وهو الصادق." ([14]) ويقول في مجموع الفتاوى:"وهؤلاء الذين نصبوا العداوة لعلي ومن والاه، وهم الذين استحلوا قتله وجعلوه كافراً، وقتله أحد رؤوسهم عبدالرحمن بن ملجم المرداي، فهؤلاء النواصب الخوارج المارقون " ([15]).

وكما انتصب ابن تيمية للدفاع عن آل البيت ضد الخوارج والنواصب، انتصب كذلك للدفاع عنهم ضد الشيعة الذين ألصقوا بهم من التهم والمناكر الكثير والكثير بسبب غلوهم وجدلهمواتباعهم للهوى فمن ذلك -مثلاً -قوله:"والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التقية، وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله من ذلك، حتى يحكوا عن جعفر الصادق أنه قال: التقية ديني ودين آبائى وقد نزه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك، بل كانوا من أعظم الناس صدقاً وتحقيقاً للإيمان، وكان دينهم التقوى لا التقية" ([16]) وقوله في منهاج السنة "من المصائب التي ابتلى بها ولد الحسين انتساب الرافضة إليهم، وتعظيمهم ومدحهم لهم؛ فإنهم يمدحونهم بما ليس بمدح، ويدعون لهم دعاوى لا حجة لها، ويذكرون من الكلام ما لو لم يعرف فضلهم من غير كلام الرافضة لكان ما تذكره الرافضة أشبه بالقدح منه بالمدح" ([17]).

ولما وجد ابن تيمية رحمه الله أن حق آل البيت سيضيع بين الغالين والجافين طفق يحرر موقفهم تحريراً دقيقاً، وينفض عنهم ما يغبش صورتهم من إفراط الغالين وتفريط الجافين. وينزههم عن مدح الروافض وقدح النواصب. فمن ذلك -مثلاً- قوله في منهاج السنة:"ولهذا كان في علي رضي الله عنه شبه من المسيح: قوم غلو فيه فوق قدره، وقوم نقصوه دون قدره، فهم كاليهود" ([18]).

وقوله في مجموع الفتاوى:"وأهل الكوفة فيهم طائفتان، طائفة رافضة يظهرون موالاة أهل البيت، وهم في الباطن إما ملاحدة زنادقة وإما جهال أصحاب هوى، وطائفة ناصبة تبغض علياً وأصحابه لما جرى من القتال في الفتنة ما جرى، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إَنَّ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابًا، وَمُبِيرًا" ([19])، فكان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان يظهر موالاة أهل البيت والانتصار لهم ... وأما المبير فهو الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان منحرفاً عن علي وأصحابه، فكان هذا من النواصب، والأول من الخوارج" ([20]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير