تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا عرفت الآن أن الدعاء عبادة وكذلك الذبح فقس عليهما جميع أنواع العبادات، كلها لا يجوز صرفها إلا لله تعالى، فإذا صرفت جزء منها لغير الله تعالى أصبحت مشركا بالله تعالى بصرفك هذا الجزء لمن لا يستحقه، وبهذا يتضح لك المعنى الحقيقي للا إله إلا الله وهو: لا معبود يستحق العبادة إلا الله.

فإذا علمت هذا، عرفت أن ذهابك إلى قبر الحسين أو قبر الجيلاني لدعائهم أو الذبح لهم أو النذر لهم أو غير ذلك من العبادات هو شرك بالله تعالى لأن هذه الأعمال خاصة بالله سبحانه وتعالى وقد توعد الله تعالى من أشرك به ومات على شركه بعدم مغفرة ذنبه وأنه خالد مخلد في النار كما قال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) فالأمر خطير .. خطير جدا

وقال سبحانه (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)

فإذا كنت تعتقد أن الشرك لا يكون إلا في أفعال الرب كالخلق والرزق والتدبير فقد علمت أن مشركي العرب لم يكن شركهم الذي كفّرهم الله تعالى به من هذا القبيل بل لا تكاد تجد إنسانا يقول أن أحدا يخلق مع الله أو يرزق مع الله أو غير ذلك من أفعال الله سبحانه وتعالى، عرفت بعد ذلك حق المعرفة أن الشرك لا بد أن يكون في غير أفعال الرب أيضا.

فإن قلت لي فيم يكون الشرك أيضا؟

قلت لك إن الشرك يكون في العمل الذي أنكره الله تعالى على مشركي العرب وسماهم به مشركين وهو الشرك في أفعال العباد كالصلاة والدعاء والنذر والخوف والمحبة والرجاء والاستغاثة وغيرها من العبادات.

....................

ثم تأمل

أنه لو كان معنى لا اله إلا الله هو لا خالق ولا رازق ولا مدبر بحق إلا الله لما كان في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم فائدة للعرب إذ هم مقرون بهذا المعنى ولكن لمّا كان المعنى الصحيح للا إله إلا الله هو: لا معبود بحق إلا الله عرفت أن العبادات التي صرفها العرب لغير الله مثل الخوف والرجاء والمحبة والنذر والاستغاثة والذبح وغيرها من العبادات لأصنامهم مثل اللّات و العزّى أصبحوا بهذا الفعل مشركين مستحقين لمقت الله وعذابه مع أنهم لم يصرفوها لهم إلا لطلب الجاه والشفاعة.

وعرفت أيضا أن الله تعالى أرسل نبيه صلى الله عليه وسلم لتصحيح هذه العبادات بصرفها إلى الله تعالى مباشرة دون أن يجعلوا بينهم وبين الله وسطاء.

....................

فقل معي لا اله الا الله مخلصا من قلبك تائبا إلى الله تعالى فمن قالها مخلصا من قلبه عاملا بمقتضاها محققا لشروطها دخل بإذن الله تعالى الجنة وحرّمه الله تعالى على النار كما قال صلى الله عليه وسلم (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)

ابدأ حياتك من جديد مع الله سبحانه وتعالى، لا تدعو غيره، ولا تذبح لغيره، ولا تنذر لغيره ولا تُقسم بغيره ولا تصرف أي عبادة لغير الله سبحانه وتعالى.

فكيف تذهب إلى أصحاب القبور وتسألهم أن يشفعوا لك عند الله تعالى وهم محتاجين إلى الله تعالى مثلك ألسنا نذهب إلى البقيع الذي فيه قبور كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم وندعوا لهم كما كان النبي صلى الله تعالى يدعوا لهم بقوله (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية)

انتبه ... نحن نسأل الله تعالى لهم العافية فهم محتاجون للعافية من الله تعالى كما أننا محتاجون لها من الله تعالى، أفندع من يملك العافية ونسألها ممن هو محتاج لها؟

ومثله لو قلت لي إن الله تعالى يقول عن الشهداء أنهم (أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) لذا فأنا أسألهم ليكونوا واسطة بيني وبين الله تعالى.

فأقول لك: هل تأملت أن الله تعالى يقول عنهم (يُرْزَقُونَ) ولم يقل (يَرْزَقُونَ) أي أنهم محتاجين إلى الله تعالى لأن يرزقهم كما أنك أنت محتاج له فلماذا لا تدعو الله تعالى الذي يملك الرزق وتدع من يحتاج مثلك إلى الرزق.

أخيرا أذكرك بقول الله تبارك وتعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) أفتترك القريب المجيب وتدعو البشر المحتاج إلى الله؟

وقوله تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ) فإن قلت لي إن الحسين والجيلاني يجيبون المضطر إذا دعاهم بأن يشفعوا له عند الله!!

أكملت لك الجزء المتبقي من الآية وقلت لك: (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) فكن من الله تعالى قريب وأبدأ حياتك مع الله من جديد.

أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياك الإخلاص في العبادة وأن يجعلنا من الموحدين الصادقين وممن سار على نهج سيد المرسلين إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

....................

كتبه الفقير إلى عفو ربه

محمد ابن الشيبه الشهري

[email protected] ([email protected])

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير