تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الصفات أو الآثار ـ آثار الصفات ـ هذا قد يطلق عليها أنها قديمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أعوذ بوجهك الكريم وسلطانك القديم " وهذا أخص من أن يكون اطلاق اسم (القديم) عليه جل وعلا، بل هو إطلاق على بعض ما له جل وعلا " أعوذ بوجهك الكريم وسلطانك القديم " فـ (القديم) ليس نعتا لله جل وعلا، بل نعت للسطان، ولهذا لا يصح أن يقال إن من أسماء الله جل وعلا (القديم) لهذا الأمر.

" الْأَوَّلُ " أعظم ـ اسم الله " الْأَوَّلُ " ـ أعظم وأجل من القديم، وهو الذي جاء في الكتاب والسنة وهو الذي يشتمل على أنواع (الأولية) للذات والأسماء والصفات والأفعال، تبارك ربنا وتعالى وتقدس.

قال جل وعلا " وَالْآخِرُ " " َالْآخِرُ " كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه الذي " ليس بعده شيء " يعني الذي يبقى بعد ذهاب الأشياء كما قال سبحانه " كل شيء هالك إلا وجهه " ويقول جل وعلا في سورة غافر " لمن الملك اليوم " ثم يجيب نفسه جل وعلا بقوله " لله الواحد القهار " فكل شيء إلى الفناء والهلاك وهو جل وعلا " َالْآخِرُ " الذي يبقى بعد فناء الأشياء، وهذا لا شك دليل عظمته وقهره وجبروته وملكه للأشياء وأن كل شيء في هذا الملكوت إنما هو بتدبيره يحيي من يشاء ويميت من يشاء وهو جل وعلا " الْأَوَّلُ " الذي له الأزلية و " َالْآخِرُ " الذي له السرمدية جل وعلا.

قال هنا " وأنت الآخر فليس بعدك شيء " وآخريته جل وعلا المراد منها هذا الي وصف، وأما نعيم أهل الجنة وما هم فيه فإن النصوص أطلقت أنهم خالدون فيها أبدا لأن أهل الجنة يخلدون فيها أبدا، وأهل النار النصوص جاء فيه الاطلاق بأن أهل النار خالدون فيها أبدا، وهذه الأبدية لا تنافي كون الله جل وعلا آخرا، لأن آخريته جل وعلا معناه الذي " ليس بعده شيء " وهو جل وعلا يهلك المخلوقات جميعا ويبقى جل وعلا وحده ويقول " أنا الملك أنا الجبار أين ملوك الأرض؟ " لمن الملك اليوم؟ " ثم يجيب نفسه الجليلة العظيمة جل وعلا بقوله " لله الواحد القهار ".

قال سبحانه وتعالى هنا " وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ " " الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ " اسمان لاستغراق الزمان، استغراق الزمان كله من مبتدئه إلى منتهاه، فلو تُصُوِّر أن للزمان ابتداء فالله جل وعلا (أول) هو قبل ذلك، ولو تُصُوِّر أن للزمان انتهاء فإن الله جل وعلا (آخر) أي بعد ذلك، فإذن الزمان مستغرق في هذين الاسمين" الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ " واسم الله " الْأَوَّلُ " واسم الله " َالْآخِرُ " دلالتهما أكثر وأعظم من دلالة الزمان، يعني أن الزمان جميعا لو تُصُوِّر له ابتداء وله انتهاء فإن هذين الاسمين لله تبارك وتعالى تسع ذلك الزمان كله وغيره، يعني أن الزمان لو تُصُوِّر أنه موجود بكماله ـ زمان لا بداية له وزمان لا نهاية له ـ فالله جل وعلا ليس قبله شيء والله جل وعلا ليس بعده شيء لا الزمان ولا غيره.

قال سبحانه وتعالى هنا " وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ " وهذان اسمان لعلو الله وفوقيته، فـ " َالظَّاهِرُ " كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " أنت الظاهر فليس فوقك شيء " والمراد بالظهور هنا (العلو) و (الفوقية) كما فسره عليه الصلاة والسلام، و (علوه) جل وعلا و (فوقيته) الذاتية هي معنى كونه جل وعلا ظاهرا " الظاهر فليس فوقك شيء " يعني " الظَّاهِرُ " بذاته، لأن معنى (ظهر على الشيء): علا عليه، كما قال سبحانه " فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا " " فما استطاعوا أن يظهروه " يعني أن يعلوا على السُّد الذي جُعل بين يأجوج ومأجوج وغيرهم.

قال هنا " وَالظَّاهِرُ " فإذن الظهور هنا هو كونه جل وعلا فوق كل شيء يعني بذلك (علو الذات) (فوقية الذات) وأنه جل وعلا مستو على عرشه فوق خلقه أجمعين، وليس المراد بالظهور هنا ظهور أثر الصنعة، " الظَّاهِرُ " يعني الذي ظهرت آثار صنعته ودلت الأشياء عليه كما قال الشاعر:

وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير