تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أبو المعالي الجويني في الرسالة النظامية ص33 ط الأزهرية: (ومما استُحسن من كلام مالك أنَّه سُئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى}: كيف استوى؟، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فلتُجرَ آية الاستواء والمجيء وقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} وقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} وما صح من أخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما ذكرنا)) وقال البيهقي بعد روايته لأثر مالك في الاعتقاد ص119: ((وعلى مثل هذا درج أكثر علمائنا في مسألة الاستواء وفي مسألة المجيء والإتيان والنزول))

ومما يضاف لما ذكره صاحب "الأثر المشهور" ما صنعه الإمام الحافظ قوام السنة التيمي الأصبهاني في الحجة 2/ 275 - 179 حيث جعل هذا الكلام قاعدة لغيرها من الصفات-وفي كلامه نقض صريح للتفويض- فقال في كلام ذهبي جميل:

(( ... قال أهل السنة: الاستواء هو العلو: قال الله تعالى (فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك) وليس للاستواء في كلام العرب معنى إلا ما ذكرنا، وإذا لم يجز الأوجه الثلاثة لم يبق إلا الاستواء الذي هو معلوم كونه، مجهول كيفيته، واستواء نوح على السفينة معلوم كونه، معلوم كيفيته لأنه صفة له، وصفات المخلوقين معلومة كيفيتها. واستواء الله على العرش غير معلوم كيفيته لأن المخلوق لا يعلم كيفية صفات الخالق لأنه غيب ولا يعلم الغيب إلا الله، ولأن الخالق إذا لم يشبه ذاته ذات المخلوق لم يشبه صفاته صفات المخلوق فثبت أن الاستواء معلوم، والعلم بكيفيته معدوم فعلمه موكول إلى الله تعالى، كما قال: (وما يعلم تأويله إلا الله). وكذلك القول فيما يضارع هذه الصفات كقوله تعالى: (لما خلقت بيدي) وقوله: (بل يداه مبسوطتان) وقوله: (ويبقى وجه ربك) وقول النبي " حتى يضع الجبار فيها قدمه" وقوله: "إن أحدكم يأتي بصدقته فيضعها في كف الرحمن" وقوله:"يضع السماوات على أصبع، والأرضين، على أصبع" وأمثال هذه الأحاديث، فإذا تدبره متدبر، ولم يتعصب بأن له صحة ذلك وأن الإيمان واجب، وأن البحث عن كيفية ذلك باطل. وهذا لأن اليد في كلام العرب تأتي بمعنى القوة يقال لفلان يد في هذا الأمر أي: قوة وهذا المعنى لا يجوز في قوله: (لما خلقت بيدي) وقوله (بل يداه مبسوطتان) لأنه لا يقال: لله قوتان. .. إلى أن قال ..... فإذا لم تحتمل الأوجه التي ذكرنا لم يبق إلا اليد المعلوم كونها، والمجهولة كيفيتها، ونحن نعلم يد المخلوق وكيفيتها لأنا نشاهدها ونعاينها فنعرفها، ونعلم أحوالها، ولا نعلم كيفية يد الله تعالى، لأنها لا تشبه يد المخلوق، وعلم كيفيتها علم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى، بل نعلم كونها معلومة لقوله تعالى، وذكره لها فقط، ولا نعلم كيفية ذلك وتأويلها، وهكذا قوله: (ويبقى وجه ربك) للوجه في كلام العرب معان منها الجاه والقدر. يقال: لفلان عند الناس وجه حسن، أي: جاه وقدر. وهذا المعنى لا يجوز في هذا الموضع لأنه لا يجوز أن يقال: لله تعالى جاه وقدر عند غيره، فلا يقال: ويبقى جاه ربك، وقدر ربك .. إلى أن قال .. فإذا لم يجز حمل الوجه على الأوجه التي ذكرناها بقي أن يقال: هو الوجه الذي تعرفه العرب، وكونه معلوماً بقوله تعالى، وكيفيته مجهولة. وكذلك قوله: "حتى يضع الجبار فيها قدمه"، وقوله: "حتى يضعه في كف الرحمن" وللقدم معان، وللكف معان، وليس يحتمل الحديث شيئاً من ذلك إلا ما هو المعروف في كلام العرب فهو معلوم بالحديث مجهول الكيفية، وكذلك القول في الأصبع، والأصبع في كلام العرب تقع على النعمة والأثر الحسن. . . وهذا المعنى لا يجوز في هذا الحديث فكون الأصبع معلوماً بقوله صلى الله عليه وسلم، وكيفيته مجهوله، وكذلك القول في جميع الصفات يجب الإيمان به، ويترك الخوض في تأويله، وإدراك كيفيته.)) وقد ذكر كلام مالك في موضع سابق ومنه اقتبس بعض ألفاظه. وأيضاً قد احتج الإمام البغوي في "شرح السنة" بكلام مالك مع غيره من الآثار في إثبات صفات الله عز وجل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير