تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

غلوّ الأشاعرة في التكفير (2)

ـ[أبو معاذ الحنبلي السلفي]ــــــــ[17 - 10 - 10, 11:05 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ... وبعد

ذكرتُ في المقالة السابقة أن فرقة الأشاعرة من أعظم فرق أهل الكلام المذموم _ إن لم تكن أعظمها_ غلوّاً في تكفير المسلمين وتسرّعا في رمي مخالفيهم به، وبيّنتُ أنّ خطورة منهجهم التكفيري _ الذي فارقوا به غيرهم من الغلاة _ يكمن في تكفير المسلمين بقضايا ومسائل هي من محض هذا الدين ومن ضرورياته القطعية التي استفاضت عليها أدلة الكتاب والسنة وأجمع عليها سلف الأمة، ودللت على ذلك بمسألة: (علوّ الله على خلقه واستوائه على عرشه) ونقلت عن بعض أئمة الأشاعرة إقراراهم بتواتر الأدلة القطعية من الكتاب والسنة والإجماع والعقل على إثبات علوّ الله على خلقه .. ثم رأينا_ بعد ذلك _ حكم الأشاعرة على من أثبت لله هذا الذي استفاضت عليه أدلة الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة. وفي هذه المقالة أستأنف ما كنتُ قد بدأت به من إثبات تكفير الأشاعرة للمسلمين بقضايا هي من محض هذا الدين .. حيث قرّر الأشاعرة تبعا لأسلافهم المعتزلة _ وهذا هو موضوع البحث _ أنّ الله لا تقوم به الصفات الاختيارية وهي أفعاله المتعلقة بمشيئته واختياره، لدليلٍ عقليٍّ مزعوم هم أولُّ من طعنوا به وبيّنوا فساده وبطلانه، وعطلّوا لأجله مئات الأدلة من القرآن والسنة التي أثبتت لله صفاته الاختيارية، بيد أنّهم لم يكتفوا بردّ كل هذه النصوص وتعطيل الصفات بل ذهب بهم الشطط والغلو إلى أبعد من ذلك حيث كفرّوا وضلّلوا _ وهذه هي الخطورة في منهجهم التكفيري _ كل من أثبت لله هذا الذي نفوه، وهذه كتبهم طافحة _ وقد امتلئت بها المكتبات_ بتكفير وتضليل من أثبت لله ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسوله _ صلى الله عليه وسلم _ وما أثبته له سلفنا الصالح _ رضي الله عنهم _، وقد زعم الجويني أنّ إثبات الصفات الاختيارية _ والتي يسمونها بحلول الحوادث_ "نص مذهب المجوس" (لمع الأدلة: ص96)، وما تكفيرهم لشيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ وتلاميذه وأتباعه وأحبابه إلا من هذا الباب .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم .. وهذه جملة يسيرة من أدلة الصفات الاختيارية أسوقها إجمالا _وإلا لو بسطت أفرادها لاحتجت لمجلدات_ لأثبتَ أنّ تكفير الأشاعرة للمسلمين قد بلغ إلى أسفل دركات الغلو والشطط والتعسف .. ثم أعرضُ بعد ذلك دليلهم المزعوم الذي ردوا به الأدلة وكفّروا من أجله المسلمين، ثم أبيّن اختلافهم واضطرابهم فيه، وبعد ذلك أذكر أقوال أئمتهم ومحققيهم في بطلانه وفساده، وأخيرا أنقل اعتراف الرازي بأن إثبات الصفات الاختيارية يلزم الأشاعرة وجميع الفرق وإن أنكروه باللسان ..

أولا: أدلة الصفات الاختيارية: قلت: قد دلّ على إثباتها القرآن والسنة والإجماع واللغة والعقل:

أولاً: القرآن: دلّ على إثباتها في أكثر من ثلاثمائة موضع (أنظر: منهاج السنة 2/ 390، مجموع الفتاوى:6/ 233،وهي في جامع الرسائل"رسالة في الصفات الاختيارية"، شرح الأصفهانية: ص256_ إلى ص278 ت: السعوي)، بل إنّها أكثر من أن تُحصر؛ (أنظر: درء التعارض2/ 147، الصواعق المرسلة2/ 429) وهي معلومة للجميع ومنها:

_ آياتُ تكليم الله تعالى لموسى ونداؤه، وتوقيت النداء بقوله: (فلمّا) وبقوله: (وإذ) الدالان على أنّه كان في وقت مخصوص لم ينادهِ قبل ذلك. _ آياتُ وأحاديث تكليم الله للناس يوم القيامة_ وهي بالعشرات_: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) وتوقيتُ ذلك بالظرف (اليوم) الدالة على وقت مخصوص لم ينادهِ قبل ذلك. _ ومنها الآيات الدالة على المجيء والإتيان والخلق والرزق والإحياء والإماتة والغضب والمحبة والرضا والرحمة والكلام والاستواء ....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير