تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن هذا الباب: قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح: " لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قيل ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه و فضل" فكان تخصيصه بالذكر لتحقيق العموم وإن هذا النفي يتناول أفضل الخلق فلا يظن أحد غيره أن يدخل الجنة بعمله

و كذلك قوله في الحديث الصحيح: " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الملائكة وقرينة منه الجن قالوا و إياك يا رسول الله قال و إياي إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم" و منه قوله تعالى: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين)؛ فذكر هذا الوعيد في الملائكة و خصهم بالذكر تنبيها على أن دعوى الإلهية لا تجوز لأحد من المخلوقين لا ملك ولا غيره و أنه لو قُدّر وقوع ذلك من ملك من الملائكة لكان جزاؤه جهنم فكيف من دونهم و هذا التخصيص أفرد الله تعالى بالإلهية

ومنه قوله تعالى في الأنبياء: (ومن آبائهم و ذرياتهم و إخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون)؛ والأنبياء معصومون من الشرك ولكن المقصود بيان أن الشرك لو صدر من أفضل الخلق لأحبط عمله فكيف بغيره

وكذلك قوله لنبيه عليه الصلاة و السلام: (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)؛ مع أن الشرك منه ممتنع لكن بين بذلك أنه إذا قدر وجوده كان مستلزما لحبوط عمل المشرك وخسرانه كائنا من كان، وخوطب بذلك أفضل الخلق لبيان عظم هذا الذنب لا لغض قدر المخاطب كما قال تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين)؛ ليبين سبحانه أنه ينتقم ممن يكذب في الرسالة كائنا من كان وأنه لو قدر أنه غيّر الرسالة لانتقم منه والمقصود نفي هذا التقدير لانتفاء لازمه

وكذلك قوله تعالى: (أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته)، وفي الحديث المعروف: "إن الله تعالى لو عذب أهل سماواته وأرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم"؛فهذا من بيان عدل الرب سبحانه وتعالى وإحسانه وتقصير الخلق عن واجب حقه حتى الملائكة والأنبياء وغيرهم وأنه لو عذبهم لم يكن ظالما لهم فكيف بمن دونهم، وهذا باب واسع انتهى.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير