تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إبليس فهي أيضاً ظاهرة وأما الأنبياء عليهم السلام فأولهم آدم عليه السلام وقد أظهر الله تعالى حجته على فضله بأن أظهر علمه على الملائكة وذلك محض الاستدلال، وأما نوح عليه السلام فقد حكى الله تعالى عن الكفار قولهم: {قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} (هود: 32) ومعلوم أن تلك المجادلة ما كانت في تفاصيل الأحكام الشرعية بل كانت في التوحيد والنبوة، فالمجادلة في نصرة الحق في هذا العلم هي حرفة الأنبياء، وأما إبراهيم عليه السلام فالاستقصاء في شرح أحواله في هذا الباب يطول وله مقامات: أحدها: مع نفسه وهو قوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَءَا كَوْكَبًا قَالَ هَاذَا رَبِّى فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الافِلِينَ} (الأنعام: 76) وهذا هو طريقة المتكلمين في الاستدلال بتغيرها على حدوثها، ثم إن الله تعالى مدحه على ذلك فقال: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِه} (الأنعام: 82) وثانيها: حاله مع أبيه وهو قوله: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِى عَنكَ شَيْاًا} (مريم: 42) وثالثها: حاله مع قومه تارة بالقول وأخرى بالفعل، أما بالقول فقوله: {مَا هَاذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِى أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (الأنبياء: 52) وأما بالفعل فقوله: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} (الأنبياء: 58). ورابعها: حاله مع ملك زمانه في قوله: {رَبِّيَ الَّذِى يُحْىِا وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْىِا وَأُمِيتُ} (البقرة: 258) إلى آخره وكل من سلمت فطرته علم أن علم الكلام ليسي إلا تقرير هذه الدلائل ودفع الأسئلة والمعارضات عنها، فهذا كله بحث إبراهيم عليه السلام في المبدأ، وأما بحثه في المعاد فقال: {رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتَى} (البقرة: 26) إلى آخره وأما موسى عليه السلام فانظر إلى مناظرته مع فرعون في التوحيد والنبوة، أما التوحيد فاعلم أن موسى عليه السلام إنما يعول في أكثر الأمر على دلائل إبراهيم عليه السلام وذلك لأن الله تعالى حكى في سوطه طه: {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَامُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِى أَعْطَى كُلَّ شَىءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدَى} (طه: 49، 50) وهذا هو الدليل الذي ذكره إبراهيم عليه السلام في قوله: {الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ} (الشعراء: 78) وقال في سورة الشعراء {رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَآااِكُمُ الاوَّلِينَ} (الشعراء: 26) وهذا هو الذي قاله إبراهيم: {رَبِّيَ الَّذِى يُحْىِا وَيُمِيتُ} (فلما لم يكتف فرعون بذلك وطالبه بشيء آخر قال موسى: {رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (الشعراء: 28) فهذا ينبهك على أن التمسك بهذه الدلائل حرفة هؤلاء المعصومين وأنهم كما استفادوها من عقولهم فقد توارثوها من أسلافهم الطاهرين، وأما استدلال موسى على النبوة / بالمعجزة ففي قوله:

جزء: 3 رقم الصفحة: 319

{أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَىْءٍ مُّبِينٍ} وهذا هو الاستدلال بالمعجزة على الصدق، وأما محمد عليه الصلاة والسلام فاشتغاله بالدلائل على التوحيد والنبوة والمعاد أظهر من أن يحتاج فيه إلى التطويل، فإن القرآن مملوء منه ولقد كان عليه السلام مبتلى بجميع فرق الكفار فالأول: الدهرية الذين كانوا يقولون: {وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلا الدَّهْرُ} (الجاثية: 24) والله تعالى أبطل قولهم بأنواع الدلائل. والثاني: الذين ينكرون القادر المختار، والله تعالى أبطل قولهم بحدوث أنواع النبات وأصناف الحيوانات مع اشتراك الكل في الطبائع وتأثيرات الأفلاك، وذلك يدل على وجود القادر. والثالث: الذين أثبتوا شريكاً مع الله تعالى، وذلك الشريك إما أن يكون علوياً أو سفلياً، أما الشريك العلوي فمثل من جعل الكواكب مؤثرة في هذا العالم، والله تعالى أبطله بدليل الخليل في قوله: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ} وأما الشريك السفلي فالنصارى قالوا بإلاهية المسيح وعبدة الأوثان قالوا: بإلاهية الأوثان، والله تعالى أكثر من الدلائل على فساد قولهم. الرابع: الذين طعنوا في النبوة وهم فريقان: أحدهما: الذين طعنوا في أصل النبوة وهم الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا: {أَبَعَثَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير