تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولا} (الإسراء: 94). والثاني: الذين سلموا أصل النبوة وطعنوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلّم، وهم اليهود والنصارى، والقرآن مملوء من الرد عليهم، ثم إن طعنهم من وجوه تارة بالطعن في القرآن فأجاب الله بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْىِا أَن يَضْرِبَ مَثَلا مَّا بَعُوضَةً} (البقرة: 26) وتارة بالتماس سائر المعجزات كقوله: {وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الارْضِ يَنابُوعًا} (الإسراء: 90) وتارة بأن هذا القرآن نزل نجماً نجماً وذلك يوجب تطرق التهمة إليه فأجاب الله تعالى عنه بقوله: {كَذَالِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} (الفرقان: 32).الخامس: الذين نازعوا في الحشر والنشر، والله تعالى أورد على صحة ذلك وعلى إبطال قول المنكرين أنواعاً كثيرة من الدلائل. السادس: الذين طعنوا في التكليف تارة بأنه لا فائدة فيه، فأجاب الله عنه بقوله: {إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لانفُسِكُم وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (الإسراء: 7) وتارة بأن الحق هو الجبر، وأنه ينافي صحة التكليف، وأجاب الله تعالى عنه بأنه {لا يُسْاَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْاَلُونَ} (الأنبياء: 23) وإنما اكتفينا في هذا المقام بهذه الإشارات المختصرة لأن الاستقصاء فيها مذكور في جملة هذا الكتاب وإذا ثبت أن هذه الحرفة هي حرفة كل الأنبياء والرسل علمنا أن الطاعن فيها إما أن يكون كافراً أو جاهلاً. المقام الثاني: في بيان أن تحصيل هذا العلم من الواجبات، ويدل عليه المعقول والمنقول. أما المعقول: فهو أنه ليس تقليد البعض أولى من تقليد الباقي، فأما أن يجوز تقليد الكل فيلزمنا تقليد الكفار، وإما أن يوجب تقليد البعض دون البعض فيلزم أن يصير الرجل مكلفاً بتقليد البعض دون البعض من غير أن يكون له سبيل إلى أنه لم قلد أحدهما دون الآخر، وإما أن لا يجوز التقليد أصلاً وهو المطلوب، فإذا بطل التقليد لم يبق إلا هذه الطريقة النظرية. وأما المنقول فيدل عليه الآيات والأخبار أما الآيات. فأحدها: قوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِا وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} (النحل: 125) ولا شك أن المراد بقوله بالحكمة أي بالبرهان والحجة، فكانت الدعوة / بالحجة والبرهان إلى الله تعالى مأموراً بها، وقوله: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} ليس المراد منه المجادلة في فروع الشرع لأن من أنكر نبوته فلا فائدة في الخوض معه في تفاريع الشرع، ومن أثبت نبوته فإنه لا يخالفه، فعلمنا أن هذا الجدال كان في التوحيد والنبوة، فكان الجدال فيه مأموراً به ثم إنا مأمورون باتباعه عليه السلام لقوله: {فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (آل عمران: 31) ولقوله: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب: 21) فوجب كوننا مأمورين بذلك الجدال. وثانيها: قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (

جزء: 3 رقم الصفحة: 319

الحج: 8 لقمان: 20) ذم من يجادل في الله بغير علم وذلك يقتضي أن المجادل بالعلم لا يكون مذموماً بل يكون ممدوحاً وأيضاً حكى الله تعالى ذلك عن نوح في قوله: {قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} (هود: 32) وثالثها: أن الله تعالى أمر بالنظر فقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ} (النساء: 82)، {أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الابِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (الغاشية: 17)، {سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِى الافَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ} (فصلت: 53)، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِى الارْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (الرعد: 41)، {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِى السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ} (يونس: 10)، أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض} ورابعها: أن الله تعالى ذكر التفكر في معرض المدح فقال: ورابعها: أن الله تعالى ذكر التفكر في معرض المدح فقال: {إِنَّ فِى ذَالِكَ لَذِكْرَى لاوْلِى الالْبَابِ} (الزمر: 21)، {إِنَّ فِى ذَالِكَ لَعِبْرَةً لاوْلِى الابْصَارِ} (آل عمران: 13)، {إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَاتٍ لاوْلِى} (طه: 54، 128) وأيضاً ذم المعرضين فقال: {وَكَأَيِّن مِّنْ ءَايَةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (يوسف: 105)، {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} (الأعراف: 179) وخامسها: أنه تعالى ذم التقليد، فقال حكاية عن الكفار {وَكَذَالِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ} (الزخرف: 23) وقال: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ} (لقمان: 21) وقال: {بَلْ وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (الشعراء: 74) وقال: {إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا} (الفرقان: 42) وقال عن والد إبراهيم عليه السلام: {لَااِن لَّمْ تَنتَهِ لارْجُمَنَّكَا وَاهْجُرْنِى مَلِيًّا}

وكل ذلك يدل على وجوب النظر والاستدلال والتفكر وذم التقليد فمن دعا إلى النظر والاستدلال، كان على وفق القرآن ودين الأنبياء ومن دعا إلى التقليد كان على خلاف القرآن وعلى وفاق دين الكفار.

وجهة نظر بريئة ونقولات المخالفين لإثراء النقاش لاغير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير