تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إنصاف شيخ الإسلام ابن تيمية للإمام الأشعري وللأشاعرة]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[25 - 10 - 10, 12:58 ص]ـ

[إنصاف شيخ الإسلام ابن تيمية للإمام الأشعري وللأشاعرة]

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

العدل والإنصاف منهج أهل السنة والجماعة في الحكم على الموافق و المخالف كما قال الحافظ الإمام وكيع بن الجراح: أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم.

ومن أئمة أهل السنة والجماعة الذي جمع بين العلم والعدل الإنصاف – والله حسيبه – شيخ الإسلام ابن تيمية العالم الرباني الذي جمع بين العلم والعمل؛ فعندما يقرأ المسلم الكلمات التي سطرها في التعامل مع المخالف والخصم والتي فيها العدل والإنصاف والرحمة ليعجب من هذا الإنصاف والرحمة والعدل مع شدة ما لاقى من أذية وحرب وهجوم؛ فعندما تقارن بين كلامه كلامهم تجد البون الشاسع والتفاوت الكبير؛ وقد قرر رحمه الله في ذلك منهج أهل السنة والجماعة بقوله:" ومع هذا فأهل السنة يستعملون معهم العدل والإنصاف, ولا يظلمونهم؛ فإن الظلم حرام مطلقا كما تقدم بل أهل السنة لكل طائفة من هؤلاء خير من بعضهم لبعض! بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض , وهذا مما يعترفون هم به ويقولون أنتم تنصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعضا , .. ولا ريب أن المسلم العالم العادل أعدل عليهم وعلى بعضهم من بعض , والخوارج تكفر أهل الجماعة وكذلك أكثر المعتزلة يكفرون من خالفهم , وكذلك أكثر الرافضة ومن لم يكفر فسق , وكذلك أكثر أهل الأهواء يبتدعون رأيا ويكفرون من خالفهم فيه. وأهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول , ولا يكفرون من خالفهم فيه؛ بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق كما وصف الله به المسلمين بقوله: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} آل عمران. قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس. وأهل السنة نقاوة المسلمين فهم خير الناس للناس.

منهاج السنة (5

103)

وهذا الكلام ليس قولا بلا عمل بل هو قول يصدقه العمل والتطبيق؛ وهذا ما شهد له به القريب والبعيد الموافق والمخالف.

قال الذهبي: رأيت للأشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي، سمعت أبا حازم العبدوي، سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: أشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات.

قلت – أي الذهبي -: وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر [أحدا] من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن "؛ فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم.

سير أعلام النبلاء (15

88)

قال ابن عبد الهادي: وسمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يذكر أن السلطان لما جلسا بالشباك أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله واستفتاه في قتل بعضهم. قال: ففهمت مقصوده وأن عنده حنقا شديدا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير.

فشرعت في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم , وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك؛ أما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي وسكنت ما عنده عليهم. قال: فكان القاضي زيد الدين ابن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك: ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي فيه ولما قدر علينا عفا عنا.!

العقود الدرية (298 - 299)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هذا وأنا في سعة صدر لمن يخالفني؛ فإنه وإن تعدى حدود الله في بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية؛ فأنا لا أتعدى حدود الله فيه بل أضبط ما أقوله وأفعله وأزنه بميزان العدل وأجعله مؤتما بالكتاب الذي أنزله الله وجعله هدى للناس حاكما فيما اختلفوا فيه قال الله تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} وقال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} الآية , وقال تعالى: {لقد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير