تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولئك الضالين يسخرون منهم، ويستهزئون بهم، ويضحكون من أفعالهم ? فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ? [سورة المؤمنون، الآية: 110].

هذا الضحك أورثهم أن الله تعالى يقول لهم: ? اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ? لما كانوا يستهزئون بعباد الله الصالحين، وقد ذكر الله تعالى أن أهل النار يسخرون من أهل الجنة ويفقدونهم، قال الله تعالى عن أهل النار: ? وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ ? [سورة ص، الآية: 62]؛ يعني أين أولئك الذين كنا نعدهم من الأشرار، ونعدهم من الخاسرين؛ يعنون بذلك أهل الخير ? أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ? [سورة ص، الآية: 63] كنا نسخر منهم ونعدهم من الأشرار، ما لنا لا نراهم معنا في النار؟ ذلك لأنهم رفعهم الله تعالى، وثبتهم وأثابهم؛ فدل على أن هذا الاستهزاء وهذه السخرية من القوادح في العقيدة، وقد تصل إلى حد الكفر، الذين يسخرون بآيات الله، أو يسخرون بكلامه، أو يسخرون بعبادته، أو بعباده الصالحين، أو نحو ذلك لا شك أنهم يستحقون هذا الوعيد، أن الله يقول لهم:

? اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ إ * ِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ? [سورة المؤمنون،الآيات: 108، 109، 110].

يدخل في ذلك الذين يستهزئون بالمصلين، أذكر أني أمرت أحدهم بالصلاة، فقال: تنفعك صلاتك -نعوذ بالله-؛ يعني استهزأ بالمصلين واستهزأ بالصلاة، وقال: كيف تنفعك صلاتك؟ ما نفعت صلاتك، خليها تنفعك لا شك أن هذا يعتبر استهزاء بهذه العبادة التي فرضها الله وجعلها ركنا من أركان الإسلام، وكذلك أيضا الذين إذا رأوا الذين يذهبون إلى المساجد سخروا منهم، لا شك أن هذا أيضا من الاستهزاء بالشرع.

وهكذا أيضا الذين يسخرون من المتصدقين الذين يتصدقون بما رزقهم الله تعالى تكون عاقبتهم أنهم يدخلون النار -والعياذ بالله- على هذا، ذكر في تفسير قول الله تعالى: ? فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ? [سورة الصافات،الآيات: 50، 51، 52] قرأ هذا إنه لمن المصدِّقين أنه كان يسخر منه لما رآه يتصدق بأمواله التي أعطاه الله، والتي تفضل بها عليه، فلما كان في الأخرة دخل ذلك المستهزئ الذي يقول: أئنك لمن المصدِقين أو لمن المصدِّقين دخل النار، فيقول:

? إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ *يَقُولُ أئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ *أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ? [سورة الصافات،الآيات: 51، 52، 53] ثم ? قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ? [سورة الصافات، الآيتان: 54، 55]؛ فأطلع في النار فعرفه، وقال: هذا هو صديقي الذي يسخر مني، فيقول: ? أئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ? [سورة الصافات، الآية: 52] أو لمن المصدِّقين.

كذلك أيضا في سبب نزول قول الله تعالى: ? الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ? [سورة التوبة، الآية: 79] قالوا: إن أولاء بعضا من أولئك المستهزئين رأوا إنسانا تصدق بصدقة بمال كثير، فقالوا: هذا مرائي؛ فهذا معنى ? يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِين ?.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير