هل إخناتون أول مَن دعا إلى التوحيد؟
ـ[حاتم الحاجري]ــــــــ[29 - 10 - 10, 04:16 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
وبعد،
فمِن الأمور المنتشرة بين كثير مِن الناس القول بأن إخناتون (أحد ملوك المصريين القدماء) هو أول مَن دعا إلى التوحيد، ويعتقد الكثيرين أنَّ هذه حقيقة تاريخية مُسَلَّم بها.
ولهذا كان لابد مِن تجلية الأمر حمايةً لجناب التوحيد، وصيانةً لدين الله، ونُصحاً للأمَّة.
أولاً: معنى التوحيد
((التوحيد هو إفراد الله بالخَلْق والتدبر، وإخلاص العبادة له وترك عبادة ما سواه، وإثبات ما له مِن الأسماء الحسنى والصفات العليا، وتنزيهه عن النقص والعَيب)) [عقيدة التوحيد – د. صالح الفوزان (ص21)].
وعَرَّفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله: ((هو عبادة الله وحده لا شريك له، مع ما يتضمنه مِن أنه لا رب لشيء مِن الممكنات سواه)) [درء تعارُض العَقل والنَقْل (ج8، ص246)].
فمِن أقسام التوحيد:
- إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعال الله، مِن خَلْق ورِزق وتقدير؛ وهو ما يُطلَق عليه "توحيد الربوبية". قال الله تعالى: ?إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ? [سورة الأعراف – الآية 54]، وقال تعالى: ?اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ? [سورة إبراهيم – الآية 32].
فلا يعتقد مسلم أن أحداً غير الله له القدرة على الخلق أو الرزق أو التصرف في الكون، أو غيرها مِن الأفعال التي لا يقدر عليها إلا الله.
- وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بأفعال العِباد، مِن جميع أنواع العبادات الظاهرة والباطنة، وهو ما يُطلَق عليه "توحيد الألوهية". قال الله تعالى: ?وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ? [سورة الإسراء – الآية 23]، وقال تعالى: ?أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ? [سورة يس – الآيات 60، 61].
فلا ينبغي لمسلم أن يصرف أي نوع مِن أنواع العبادة إلا لله وحده.
وبهذا يتبين ((أنَّ توحيد الربوبية مستلزِمٌ لتوحيد الإلهية، بمعنى أن الإقرار بتوحيد الربوبية يوجِب الإقرار بتوحيد الإلهية والقيام به. فمَن عَرَفَ أنَّ الله ربه وخالقه ومدبر أموره وجب عليه أنْ يعبده وحده لا شريك له)) [الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد – د. صالح الفوزان (ص41)].
قال الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ? [سورة البقرة – الآيات 21، 22]، وقال تعالى: ?وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ? [سورة النحل – الآية 81]، وقال تعالى: ?أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ? [سورة النمل – الآيات 61، 62].
ثانياً: التوحيد هو الأصل والشرك أمر طاريء
¥